البئر أعاد العرض لرد من استصغر ، ولعل هذه البئر هي المعروفة اليوم ببئر ودي ؛ لانطباق الوصف المتقدم عليها ، ولأنها أعذب بئر هناك.
وقد روى ابن زبالة عن إبراهيم بن محمد قال : خرجنا نشيع ابن جريج حين خرج إلى مكة ، فلما كنا عند بئر أبي عنبة قال : ما اسم هذا المكان؟ فأخبرناه ، فقال : إن عندي فيه لحديثا ، ثم ذكر حديث عاصم بن عمر حين اختصم فيه عمر وجدّته إلى أبي بكر ، فقال عمر : يا خليفة رسول الله ، ابني ويستقي لي من بئر أبي عنبة ، فدل على أن الماء كان يستعذب منها ، قال المجد : وقد جاء ذكر هذه البئر في غير ما حديث.
بئر العهن : ـ بكسر العين المهملة ، وسكون الهاء ، ونون ـ ذكر المطري الآبار التي ذكرها ابن النجار ـ وهي : أريس ، والبصّة ، وبضاعة ، ورومة ، والغرس ، وبيرحاء ـ ثم قال : والآبار المذكورة ست ، والسابعة لا تعرف اليوم ، ثم ذكر ما تقدم عنه في بئر جمل.
ثم قال : إلا أني رأيت حاشية بخط الشيخ أمين الدين بن عساكر على نسخة من «الدرة الثمينة ، في أخبار المدينة» للشيخ محب الدين بن النجار ما مثاله : العدد ينقص عن المشهور بئرا واحدة ؛ لأن المثبت ست ، والمأثور المشهور سبع ، والسابعة اسمها «بئر العهن» بالعالية ، يزرع عليها اليوم ، وعندها سدرة ، ولها اسم آخر مشهورة به.
قال المطرطي عقبه : وبئر العهن هذه معروفة بالعوالي ، وهي بئر مليحة جدّا ، منقورة في الجبل ، وعندها سدرة كما ذكر ، ولا تكاد تعرف أبدا ، وقال الزين المراغي عقب نقله ، والسدرة مقطوعة اليوم.
قلت : ولم يذكروا شيئا يتمسك به في فضلها ونسبتها إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، لكن لم يزل الناس يتبركون بها. والذي ظهر لي بعد التأمل أنها بئر اليسرة الآتي ذكرها ، وأن النبي صلىاللهعليهوسلم نزل عليها وتوضأ وبصق فيها ؛ لأن اليسرة بئر بني أمية من الأنصار بمنازلهم كما سيأتي ، وبئر العهن عند منازلهم ، وقد أشار ابن عساكر إلى تسميتها باسم آخر ، فأظنه الاسم المذكور ، والله أعلم.
بئر غرس : ـ بضم الغين المعجمة كما رأيته في خط الزين المراغي ، وهو الدائر على ألسنة أهل المدينة ، ويقال «الأغرس» كما يؤخذ مما سيأتي في وادي بطحان أول الفصل الخامس ، وقال المجد : بئر الغرس بفتح الغين وسكون الراء وسين مهملة ، والغرس : الفسيل ، أو الشجر الذي يغرس لينبت ، مصدر غرس الشجر ، قال : وضبطه بعض الناس بالتحريك مثال سحر ، وسمعت كثيرا من أهل المدينة يضمون الغين ، قال : والصواب الذي لا محيد عنه ما قدمته ، أي من الفتح ـ وهي بئر بقباء في شرقي مسجدها ، على نصف ميل إلى جهة الشمال ، وهي بين النخيل ، ويعرف مكانها اليوم وما حولها بالغرس ، قال : وحولها مقابر بني حنظلة.