مساجد الفتح ؛ لما تقدم فيه من أنه دبر القراصة ، ويؤيده أن أصل حديث جابر في أرضه مذكور في الصحيح بطرق وفي بعضها : وكانت لجابر الأرض التي بطريق رومة ، وهذه الجهة بطريق رومة.
وروى أحمد عن جابر قال : قلت : يا رسول الله ، إن أبي ترك دينا ليهودي فقال : يأتيك يوم السبت إن شاء الله تعالى ، وذلك في زمن التمر مع استجداد النخل ، فلما كان صبيحة يوم السبت جاءني رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فلما دخل عليّ في مالي أتى الربيع فتوضّأ منه ثم قام إلى المسجد فصلى ركعتين ، ثم دنوت به إلى خيمة لي فبسطت له بجادا من شعر ، الحديث ، والله أعلم.
بئر القريصة : لم أر من ضبطها ، وأظنها بالقاف والصاد المهملة مصغرة.
روى ابن زبالة عن سعد بن حرام والحارث بن عبيد الله قالا : توضأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بئر في القريصة بئر حارثة ، أو شرب ، وبصق فيها ، وسقط فيها خاتمة فنزع.
ثم روى عقبة سقوط الخاتم في بئر أريس.
قلت : وهذه البئر لا تعرف اليوم ، إلا أن في شرقي المدينة بقرب القراصة المتقدمة في مسجد القراصة بئرا تعرف بالقريصة مصغر القرصة ، فإن صح الضبط المتقدم فهي المرادة.
بئر اليسرة : من اليسر ضد العسر.
روى ابن زبالة عن سعيد بن عمرو قال : جاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم بني أمية بن زيد ، فوقف على بئر لهم فقال : ما اسمها؟ قالوا : عسرة ، قال : لا ، ولكن اسمها اليسرة ، قال : فبصق فيها وبرّك فيها.
وروى ابن شبة عن محمد بن حارثة الأنصاري عن أبيه أن النبي صلىاللهعليهوسلم سمّى بئر بني أمية من الأنصار اليسرة ، وترّك عليها وتوضأ وبصق فيها.
وروى ابن سعد في طبقاته عن عمر بن سلمة أن أبا سلمة بن عبد الأسد لما مات غسل من اليسرة ، بئر بني أمية بن زيد بالعالية ، وكان ينزل هناك حين تحوّل من قباء ، غسل بين قرني البئر ، وكان اسمها في الجاهلية العسرة ، فسماها رسول الله صلىاللهعليهوسلم اليسرة.
قلت : وهذه لبئر غير معروفة اليوم بهذا الاسم ، والذي يظهر أنها بئر العهن ؛ لما قدمناه فيها.
وقد استقصينا هذا الغرض فبلغ كما ترى نحو عشرين بئرا ، وما اقتضاه كلام بعضهم من انحصار المأثور من ذلك في سبع مردود ؛ لكن الذي اشتهر من ذلك سبع ، ولهذا قال في الإحياء : ولذلك تقصد الآبار التي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يتوضأ منها ويغتسل ويشرب ، وهي سبعة آبار ، طلبا للشفاء ، وتبركا به صلىاللهعليهوسلم ، انتهى.