أجادّ هو على قتالنا؟ فقلت : نعم والله أجد مني ، ولوددت أنّكم خلق واحد فذبحتكم وبدأت بك يا ذا الكلاع. فضحك عمّار ، وقال : هل يسرك ذلك؟ قال : قلت نعم. قال أبو نوح : أخبرني الساعة عمرو بن العاص أنّه سمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول : «عمار تقتله الفئة الباغية» قال عمار : أقررته بذلك؟ قال : نعم ، أقررته فأقر. فقال عمار : صدق وليضرنه ما سمع ولا ينفعه.
ثم قال أبو نوح لعمار ونحن اثنا عشر رجلا : فإنّه يريد أن يلقاك فقال عمار لأصحابه : اركبوا فركبوا ، وساروا ثم بعثنا إليهم فارسا من عبد القيس ، يسمّى عوف بن بشر ، فذهب حتّى كان قريبا من القوم ، ثم نادى : أين عمرو بن العاص؟ قالوا : هاهنا فأخبره بمكان عمار وخيله. قال عمرو : قل له فليسر إلينا. قال عوف : إنّه يخاف غدراتك. فقال له عمرو : ما أجرأك عليّ وأنت على هذه الحال؟ فقال له عوف : جرأني عليك بصيرتي فيك وفي أصحابك ، فإن شئت نابذتك الآن على سواء ، وإن شئت التقيت أنت وخصماؤك وأنت كنت غادرا. فقال له عمرو : ألا أبعث إليك بفارس يواقفك؟ فقال له عوف : ما أنا بالمتوحش فأبعث بأشقى أصحابك. قال عمرو : فأيكم يسير إليه؟ فسار إليه أبو الأعور ، فلما تواقفا تعارفا فقال عوف : لأبي الأعور ، إنّي لأعرف الجسد وأنكر القلب ، إنّي لا أراك مؤمنا ، وإنّك لمن أهل النار ، فقال أبو الأعور : لقد أعطيت لسانا يكبك الله به على وجهك في نار جهنم.
فقال عوف : كلا والله إنّي أتكلم أنا بالحق ، وتتكلم أنت بالباطل ، وإنّي أدعوك إلى الهدى ، وأقاتل أهل الضلالة ، وأفر من النار ، وأنت بنعمة الله ضال تنطق بالكذب ، وتقاتل على ضلالة وتشتري العقاب بالمغفرة والضلالة بالهدى ، انظروا إلى وجوهنا ووجوهكم ، وسيمانا وسيماكم ، واسمعوا إلى دعوتنا ودعوتكم ، فليس أحد منا إلا وهو أولى بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأقرب إليه قرابة منكم. قال له أبو الأعور : لقد أكثرت الكلام وذهب النهار. ويحك ادع أصحابك ، وأدعوا أصحابي ، فأنا جار لك حتّى تأتي