النّساء
١٣٦٨ ـ آمنة بنت الشريد ...
كانت فصيحة اللسان ، حاضرة الجواب ، من شيعة عليّ بن أبي طالب ، ومناصريه ، أسمعت معاوية بن أبي سفيان في محاورتها معه كلاما قارصا ، وجوابا لاذعا. وذلك أنّه لما قتل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بعث معاوية في طلب شيعته فكان في من طلب عمرو بن الحمق الخزاعي ، فراغ منه. فأرسل إلى امرأته آمنة فحبسها في سجن دمشق سنتين. ثم إنّ عبد الرحمن بن الحكم ، ظفر بعمرو في بعض الجزيرة فقتله وبعث برأسه إلى معاوية. وهو أوّل رأس حمل في الإسلام. فلما أتى معاوية الرسول بالرأس بعث به إلى آمنة في السجن ، وقال للحرسي : احفظ ما تتكلم به حتى تؤديه إليّ واطرح الرأس في حجرها. ففعل هذا ، فارتاعت له ساعة ثم وضعت يدها على رأسها ، وقالت : وا حزناه لصغره في دار هوان ، وضيق من ضيمه سلطان ، نفيتموه عنّي طويلا ، وأهديتموه إليّ قتيلا ، فأهلا وسهلا بمن كنت له غير قالية ، وأنا له اليوم غير ناسية ، ارجع به أيّها الرسول إلى معاوية فقل له : ولا تطوه دونه.
أيتم الله ولدك ، وأوحش منك أهلك ، ولا غفر لك ذنبك.
فرجع الرسول إلى معاوية فأخبره بما قالت. فأرسل إليها فأتته وعنده نفر فيهم ، إياس بن حسل ، أخو مالك بن حسل ، وكان في شدقيه نتوء عن فيه لعظم كان في لسانه ، وثقل إذا تكلم. فقال لها معاوية : أأنت يا عدوة الله صاحبة الكلام الذي بلغني به؟ قالت : نعم غير نازعة عنه ، ولا معتذرة منه ولا منكرة له ، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء ، إن نفع الاجتهاد ، وإنّ