الحق لمن وراء العباد ، وما بلغت شيئا من جزائك ، وإنّ الله بالنقمة من ورائك.
فأعرض عنها معاوية فقال إياس : اقتل هذه يا أمير المؤمنين؟ فو الله ما كان زوجها أحق بالقتل منها. فالتفتت إليه فلما رأته ناتئ الشدقين ، ثقيل اللسان ، قالت : تبا لك ويلك بين لحييك كجثمان الضفدع ، ثم أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ، إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين؟
فضحك معاوية ثم قال : لله درك اخرجي ثم لا أسمع بك في شيء من الشام. قالت : وأبي لأخرجن ثم لا تسمع لي في شيء من الشام ، فما الشام لي بحبيب ولا اعرج فيها على حميم ، وما هي لي بوطن ، ولا أحن فيها إلى سكن ، ولقد هظم فيها ديني ، وما قرت فيها عيني ، وما أنا فيها إليك بعائدة ، ولا حيث كنت بحامدة.
فأشار إليها ببنانه اخرجي. فخرجت وهي تقول : وا عجبا لمعاوية يكف عني لسانه ، ويشير إلى الخروج ببنانه ، أما والله ليعارضنه عمرو بكلام مؤيد شديد ، أوجع من نوافذ الحديد ، أو ما أنا بابنة الشريد. فخرجت وتلقاها الأسود الهلالي ، وكان رجلا أسود أصلع أسلع أصعل ، فسمعها وهي تقول ، فقال : لمن تعني هذه؟ الأمير المؤمنين تعني ، عليها لعنة الله؟ فالتفتت إليه فلما رأته قالت خزيا لك وجدعا ، أتلعنني واللعنة بين جنبيك ، وما بين قرنيك إلى قدميك. اخسأ يا هامة الصعل ، ووجه الجعل ، فأذلل بك نصيرا ، وأقلل بك ظهيرا.
فبهت الأسلع ينظر إليها ثم سأل عنها ، فأخبر فأقبل إليها معتذرا خوفا من لسانها. فقالت : قد قبلت عذرك وإن تعد أعد ، ثم لا استقيل ولا أراقب فيك. فبلغ ذلك معاوية ، فقال زعمت يا أسلع أنّك لا تواقف من يغلبك أما علمت إن حرارة المتبول ليست بمخالسة نوافذ الكلام عند مواقف الخصام ، أفلا تركت كلامها قبل البصبصة منها والاعتذار إليها. قال : إي والله يا أمير