١٣٨١ ـ بكارة الهلالية ...
كانت من نساء العرب الموصوفات بالشجاعة والإقدام ، والفصاحة والشعر ، والنثر والخطابة. وكانت مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في حرب صفّين ، فخطبت بها خطبا حماسية ، حضت بها القوم على أن يخوضوا غمارات الحرب ، بدون خوف ولا وجل. وفدت على معاوية بن أبي سفيان بعد أن كبرت وتقدم سنّها ، ودق عظمها ، ومعها خادمان لها ، وهي متكئة عليها وبيدها عكاز ، فسلمت على معاوية بالخلافة. فأحسن عليها الرد وأذن لها الجلوس. وكان عنده مروان بن الحكم. وعمرو بن العاص. فابتدأ مروان فقال : أما تعرف هذه يا أمير المؤمنين؟ قال : ومن هي؟ قال : هي التي كانت تعين علينا يوم صفّين ، وهي القائلة :
يا زيد دونك فاستشر من دارنا |
|
سيفا حساما في التراب دفينا |
قد كان مذخورا لكل عظيمة |
|
فاليوم أبرزه الزمان مصونا |
فقال عمرو بن العاص : وهي القائلة يا أمير المؤمنين :
أترى ابن هند للخلافة مالكا |
|
هيهات ذاك وما أراد بعيد |
منّتك نفسك في الخلاء ضلالة |
|
أغراك عمرو للشقا وسعيد |
فارجع بأنكد طائر بنحوسها |
|
لاقت عليّا أسعد وسعود |
فقال سعيد : يا أمير المؤمنين وهي القائلة :
لقد كنت آمل أن أموت ولا أرى |
|
فوق المنابر من أمية خاطبا |
فالله أخر مدّتي فتطاولت |
|
حتّى رأيت من الزمان عجائبا |
في كل يوم لا يزال خطيبهم |
|
وسط الجموع لآل أحمد عائبا |
ثم سكت القوم ، فقالت بكارة : نبحتني كلابك يا أمير المؤمنين ، واعتورتني ، فقصر محجني ، وكثر عجبي ، وغشى بصري ، وأنا والله قائلة ما قالوا ، لا أرفع ذلك بتكذيب فامضي لشأنك فلا خير في العيش بعد أمير المؤمنين. فقال معاوية : إنّه لا يضيعك شيء فاذكري حاجتك تقضى.