المؤمنين ، لم أكن أرى شيئا من النساء يبلغ من معاضيل الكلام ما بلغت هذه المرأة حالستها فإذا هي تحمل قلبا شديدا ، ولسانا حديدا ، وجوابا عتيدا ، وهالتني رعبا واوسعتني سبا. ثم التفت معاوية إلى عبيد بن أوس ، فقال : ابعث لها ما تقطع به عنا لسانها ، وتقضي به ما ذكرت من دينها وتخف به إلى بلادها ، وقال : اللهم اكفني شر لسانها.
فلما أتاها الرسول بما أمر به معاوية ، قالت : يا عجبى لمعاوية يقتل زوجي ، ويبعث إليّ بالجوائز فليت أبي كرب سد عني حره صله خذ من الرضعة ما عليها. فأخذت ذلك وخرجت تريد الجزيرة ، فمرت بحمص فقتلها الطاعون. فبلغ ذلك الأسلع فأقبل إلى معاوية كالمبشر له فقال له : أفرخ روعك يا أمير المؤمنين ، قد استجيبت دعوتك في ابنة الشريد ، وقد كفيت شرّ لسانها. قال : وكيف ذلك؟ قال : مرت بحمص فقتلها الطاعون. فقال له معاوية : فنفسك فبشّر بما أحببت فإنّ موتها لم يكن على أحد أروح منه عليك ، ولعمري ما انتصفت منها حين أفرغت عليك شؤبوبا وبيلا. فقال الأسلع : ما أصابني من حرارة لسانها شيء إلّا وقد أصابك مثله أو أشد منه.
أعلام النساء ١ / ١١. الأعلام ١ / ١٨. أعيان الشيعة ٥ / ٢٩ ط ٢. البداية والنهاية ٨ / ٤٨. بلاغات النساء / ٥٩.
١٣٦٩ ـ أروى بنت الحارث بن عبد المطلب القرشية توفيت حدود ٥٠ ه.
من ربات البلاغة والبيان ، وكانت أغلظ الوافدات على معاوية بن أبي سفيان خطابا. عاشت إلى زمنه وكان مقامها بالمدينة. وفدت عليه إلى دمشق ، وهي عجوز كبيرة ، فلما رآها معاوية ، قال : مرحبا بك يا عمة ، قالت : كيف أنت يا ابن أخي لقد كفرت بعدي بالنعمة ، وأسأت لابن عمك الصحبة ، وتسميت بغير اسمك ، وأخذت غير حقّك ، بغير بلاء كان منك ، ولا من آبائك في الإسلام ، ولقد كفرتم بما جاء محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأتعس الله منكم الجدود ، وأصعر منكم الخدود ، حتّى ردّ الله الحق إلى أهله ، وكانت