عن الاسم المفرد فلما اقتضت اسمين وجب أن تعمل لما ذكرناه فيها ، ولا يخلو عملها فيها من أحد ثلاثة أشياء ، إمّا أن ترفعهما جميعا [أو تنصبهما جميعا (١) أو ترفع أحدهما وتنصب الآخر ، فلم يجز رفعهما جميعا لأنها](٢) قد جرت مجرى الفعل في العمل والفعل لا يجوز أن يرفع فاعلين بغير اشتراك ولا تثنية ، فلو رفعت الاسمين لخالفت ما شبّهت (٣) به وهو الفعل ، ولم يجز أن تنصبهما جميعا لأن الفعل الذي شبهت به لا يجوز أن ينصب بغير فاعل يكون معه ، فلو نصبنا بها الاسمين لصارت بمنزلة فعل نصب مفعوله بغير فاعل وهذا لا يوجد في الأصل والفرع ، وأولى ألا يوجد فيه ، فلم يبق من الأقسام إلا أن تعمل في أحدهما رفعا وفي الآخر نصبا ليكون المرفوع كالفاعل ويكون المنصوب كالمفعول ، وإنما وجب أن يكون المرفوع (٤) مؤخرا والمنصوب مقدما وإن كان الأصل في الفعل أن يكون فاعله قبل مفعوله (٥) لوجهين أحدهما : أن لو رفعنا الأول ونصبنا الخبر لجرى المفعول مجرى الفاعل ، فكان يجوز إضماره ولو أضمرناه لم يخل من أن يكون المضمر غائبا أو متكلما أو مخاطبا وإضمار الغائب مستتر فيما عمل فيه كقولك : قام زيد ، فلو قيل لك : أضمر زيدا لقلت : قام ، فلو جاز أن ترفع (إن) وأخواتها الاسم الذي يليها لوجب أن يستتر ضميره فيها إذا كان غائبا ويظهر تاء المتكلم نحو قولك : أنت ، لو تكلم به ، فكان ذلك يؤدي إلى اللبس بأنت ، وإلى إضمار في
__________________
(١) قال ابن هشام في حديثه عن (إنّ): " ... وقيل : وقد تنصبهما في لغة كقوله :
إذا اسوّد جنح الليل فلتأت ولتكن |
|
خطاك خفافا ؛ إن حرّاسنا أسدا |
..." المغني ١ / ٣٦.
(٢) كتبت في الأصل على الهامش.
(٣) في الأصل : شبهته.
(٤) في الأصل : المفعول.
(٥) قال المالقي : في ذلك : " ... إلا أنه تقدم المنصوب لازم على المرفوع في بابها ، تنبيها على أن عملها بحق الشّبه لا بحق الأصل ، ولم تتصرف تصرف الأفعال ، فلا يجوز في معمولها تقدم آخرها على الأول ولا عليها لذلك" ١١٨ ـ ١١٩.