متضمنة لحرف الجر وليس ذلك حد الفاعل ، وكذلك ينبغي أن يكون ما قام مقامه لا يحتاج إلى حرف الجر فهذا سبب نقل هذه الظروف.
فإن قال قائل : فالمصدر لا يتضمن حرف الجر فهل يحتاج إلى نقل؟
قيل له : نعم وإنما وجب نقله ؛ لأن الفعل يدل عليه ، وإنما نذكره بعد الفعل توكيدا كقولك : ضربت ضربا ، والذي أوجب لها النقل شيئان أحدهما : أن الفعل لا بد له من فاعل فصار اعتماد الكلام على الفاعل والمصدر لو لم يذكر لدل عليه الفعل ، فلم يجز أن تقيمه مقام الفاعل على أصله ؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يصير الفاعل لا يحتاج إليه ، فوجب أن تنقله إلى حكم المفعول الذي يدل الفعل عليه لتحصل الفائدة ، ولا يجوز إسقاطه.
والوجه الثاني : أن المصدر لما كان يذكر لتوكيد الفعل جرى مجرى الفعل فصار قولك : قمت قياما ، فلما كان الفعل لا يقوم مقام الفاعل ، وكذلك ما يقوم مقامه وهو المصدر لا يجوز أن تقيمه مقام الفاعل حتى تغيره وتنقله إلى حكم المفعول به.
واعلم أن الفعل الذي لا يتعدى يجوز أن تعديه بإدخال الهمزة على أوله كقولك : ذهب زيد ، ثم تقول : أذهب زيد ، ويجوز أن تعديه بحرف الجر فتقول : ذهب زيد بعمرو ، وهذان القسمان يطّردان ، ويجوز أن تعديه بتشديد عين الفعل كقولك : عرّف زيد عمرا ، وتقول : عرّفت زيدا عمرا ، فإذا عديت الفعل بحرف جر فلك أن تقيم الاسم المجرور مع الحرف مقام الفاعل كقولك : ذهب (١) بزيد ، فإن ذكرت بعده ظرفا أو مصدرا فأنت بالخيار إن شئت أقمت الظرف والمصدر مقام الفاعل ، فصار موضع حرف الجر مع المجرور نصبا ، وإن شئت أقمت حرف الجر مع الاسم مقام الفاعل ونصبت الظرف والمصدر ، وإنما كنت بالخيار ؛ لأن
__________________
(١) في الأصل : ذهبت.