الفعل نصبا إذ كان هو والخبر شيئا واحدا ، والفعل قد استغنى بفاعله فوجب نصبه إذ قد جرى مجرى المفعول المحض.
فإن قال قائل : فلم جاز التعدي في هذه الأفعال في الجملة وليست بمؤثرة في المفعول إذ كان الفاعل يخبر عما استقر في قلبه من علم أو شك؟
قيل له : هي وإن لم تكن مؤثرة فقد تعلق الظن بمظنون ، وليس كل فعل يعمل يكون مؤثرا ، ألا ترى أنك تقول : ذكرت زيدا ، وإن كان ميتا فإذا حصل الفعل تعلق بمفعول تعدى إليه ، فلهذا جاز أن تتعدى هذه الأفعال.
فإن قال قائل : فلم جاز إلغاؤها إذا توسطت بين المفعولين أو تأخرت (١)؟
قيل له : لأنك إذا ابتدأت بالاسم فقد حصل على لفظ اليقين [فلما](٢) كانت هذه الأفعال ضعيفة في العمل ووجب أن يحمل الخبر على ما اعتقد عليه الكلام وهو اليقين وجعل الفعل في هذا الموضع في تقدير الظرف وإن أوجب شكا في الجملة كقولك : زيد منطلق في ظني ، فلما كان قولك : في ظني لا يعمل فيما قبله ، جعلوا أيضا : زيد منطلق ظننت ، كأنك قلت : في ظني ، وأما من أعمل الفعل إذا توسط أو تأخر فلأنه حمل الكلام على ما في نيته من الشك ، فصار الفعل وإن تأخر مقدما في المعنى فلهذا جاز إعماله.
فإن قال قائل : فقد وجدنا العرب تقول : حسبت ذاك ، فتكتفي باسم واحد ، وكذلك تقول : حسبت أن زيدا منطلق ، ف (أنّ) وما (٣) بعدها في تقدير اسم لأنها بمنزلة المصدر كأنك قلت : حسبت انطلاق زيد [مؤكدا](٤) ، ولو لم تتكلم (٥) بهذا التقدير لم يصح؟
__________________
(١) انظر تفضيل ذلك في شرح ابن عقيل على الألفية ٢ / ٤٤ ـ ٤٧.
(٢) زيادة ليست في الأصل.
(٣) في الأصل : وأما.
(٤) زيادة ليست في الأصل.
(٥) في الأصل : لم تكلم ، وقد أثبت المناسب.