احذر الأسد ، فإذا كرروا لم يظهروا الفعل ، فدل ذلك على أنهم جعلوا الاسمين عوضا عن الفعل ، والوجه أن يكون العوض هو الأول كما أن الفعل يجب أن يكون مقدما على المفعول.
فإن قال قائل : فلم قدرتم الفعل في إياك بغير تكرير كقولك : إياك تريدون ، إياك احذر؟
قيل له : لأن إياك لا يجوز أن يقع فعل قبلها لأنك لا تقدر الكاف ولا يجوز أن تقول : ضربت إياك ، لأنك تقدر أن تقول ضربتك ، فلهذا وجب تقدير الفعل بعد إياك(١).
فإن قال قائل : فلم لا تضمر الفعل إذا كان يتعدى بحرف جر؟
قيل له : لو أضمرنا لوجب أن يبقى الاسم مجرورا لتقدير حرف الجر ولو فعلنا هذا لكنا قد أضمرنا حرف الجر وهذا لا يجوز ؛ لأن حرف الجر يجري في الضعف مجرى حروف الجزم وحروف الجزم لا تضمر وكذلك حروف الجر وجملة الأمر أن جميع الحروف لا يجوز إضمارها لضعفها وإنما جاز إضمار الفعل لقوته إذ كان متصرفا ويعمل في التقديم والتأخير ، فلما كانت هذه الحروف ناقصة عن حكم الفعل لم يجز أن تعمل مضمرة ، وأيضا فإن / المصدر إذا كان يمكن أن يقدر فعلا ينصب بنفسه وأمكن أن يقدر فعلا يصل بحرف جر وجب تقدير شيء واحد إذ كان تقديره ينوب عن شيئين وصار بذلك أولى لخفة حكمه.
واعلم أن إضمار الفعل يقع في كلام العرب على ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يجوز إظهاره.
والآخر : يجوز أن يضمر ويظهر.
__________________
(١) انظر للتفصيل شرح التصريح على التوضيح ٢ / ١٩٢.