والثالث لا يجوز إضماره.
فأما ما لا يجوز إظهاره فنحو ما ذكرناه من إياك وزيدا ، وكذلك ما تكرر من الأسماء نحو : الطريق الطريق وكذلك [إن كان](١) أحد الاسمين معطوفا على الآخر لم يجز إظهار الفعل ، كقولك : رأسك والجدار.
وأما ما يجوز إظهاره وإضماره فإنه يجري ذكر الفعل أو يكون الاسمان في حال الفعل كقولك : زيدا إذا سمعت ذكر ضرب أو رأيت إنسانا يريد أن يضرب ، فأنت بالخيار إن شئت قلت : اضرب زيدا وإن شئت حذفت الفعل لدلالة الحال عليه.
فأما الوجه الثالث فأن تقول : زيدا فتضمر الفعل ، وهو لم يجر له ذكر ، فهذا لا يجوز ؛ لأنه لا يدرى أنك تريد اضرب زيدا أو أكرمه ، فلما لم يكن على الضمير دليل لم يجز.
فإن قال قائل : فلم خصت العرب إياك وحدها من بين سائر أخواتها فلم يستعملوا معها الفعل وإن أفردت كقولك : إياك إذا أردت احذر؟
فالجواب : في ذلك أن إياك أقاموها مقام فعل الأمر ، فلم يجز إظهار الفعل معها ، أما غيرها من الأسماء فلم يقم مقام الفعل معه ، فجاز إظهار الفعل معه ، وإنما خصّ إياك بهذا لأنها اسم لا يقع إلا علامة للمنصوب ، فصار لفظه يدل على كونه مفعولا ، وأما غيره من الأسماء فيصح أن يقع منصوبا أو مرفوعا أو مجرورا ، فلما لم يختص من الأسماء اختصاص النصب الذي يقتضيه الفعل الناصب لم يقم مقامه ، ولما اختصت إياك بهذا المعنى جاز أن تقوم مقام الفاعل فاعرفه.
__________________
(١) كتبت في الأصل على الهامش.