قيل له : لأن اسم الفاعل وإن أجري مجرى الفعل لم يخرج عن حكم الاسمية ، ولأجل كونه اسما جاز أن يجر ما بعده ، ولأجل ما بينه وبين المضارع من الشبه جاز أن ينصب ، وأما الفعل المضارع فقد جاز فيه أيضا الرد إلى أصله وهو السكون ، وذلك إذا لحقته علامة جماعة النساء ، كقولك : الهندات يضربن ، فقد استوى حكم نون الفاعل والفعل المضارع فيما سألت عنه ، وأيضا فإن بين حمل اسم الفاعل على الفعل المضارع وبين حمل الفعل على الاسم فرقا ، وذلك أن الفعل حمل في التثنية بما يختص الاسم ، من حمل على الفعل بهذا المعنى أيضا ، فصار حمل الاسم على الفعل أنقص حكما من حمل الفعل على الاسم ، فإذا كان كذلك وجب ألا يزول عن الاسم ما كان يستحقه من جواز الجرّ به ، ولم يجز في الفعل السكون ، لأنه قد انتقل عن أصله لحصول الشبه فيه.
فإن قال قائل : فلم جاز في اسم الفاعل إذا أريد به المضي أن يتعدى إلى المفعول الثاني نحو قوله : زيد معطي عمرو درهما أمس؟ ، قيل له في ذلك وجهان :
أحدهما : أن يكون الاسم منصوبا بفعل مقدر تقديره : أخذ درهما أمس.
والوجه الثاني : وهو أجودهما أن الفعل الماضي لما كان قد بني على حركة لما بينه وبين الاسم من الشبه وجب أن يكون لهذا الشبه تأثير في الاسم فجعل هذا في المعنى يجوز أن يتعدى إلى المفعول الثاني (١).
فإن قال قائل : فلم جاز أن تقول هذان الضاربان زيدا ، وأنت تريد الماضي بهذا القول؟
فالجواب في ذلك أن أصل الكلام هذان اللذان ضربا زيدا ، فانتصب زيد بالفعل ؛ لأن العرب تختص بعض كلامها فتنقل لفظ (الذي) إلى الألف واللام (٢) ؛
__________________
(١) ويروى هذا الوجه عن السيرافي كما جاء في شرح الأشموني ٢ / ٣٤٤.
(٢) (ال) إذا دخلت على أسماء الفاعلين والمفعولين كانت موصولة ، انظر المغني.