حذف لفظ الفعل بقي حكمه (١) فلهذا جاز أن يقع بعد الاسم مرفوعا ومنصوبا إذا نونته أو أدخلت فيه ألفا ولا ما ، وإذا أسقطت الألف واللام أو التنوين وجبت الإضافة ؛ لأن المصدر اسم ما لم يحل بينه وبين ما يعمل فيه الحائل أعني التنوين [ف](٢) وجب خفض ما بعده.
فإن قال قائل : قد ادّعيت أن المصدر اسم للفعل فمن أين وجب له ذلك؟
قيل له في ذلك وجوه :
أحدها اجتماع النحويين على تسميته مصدرا ، والمصدر في اللغة هو الموضع الذي تصدر منه الإبل وترده ، فلما استحق هذا الاسم وجب أن يكون الفعل هو الصادر عنه.
ووجه آخر وهو أن الفعل يدل على مصدر وزمان ، والمصدر يدل على نفسه فقط ، فلما كان المصدر أحد الشيئين اللذين دلّ عليهما الفعل بالواحد من الاثنين فلهذا وجب أن يكون المصدر أصلا للفعل.
ووجه ثالث : وهو أن المصدر اسم ، والاسم يقوم بنفسه كقولك : ضربك وجيع (٣) كما تقول : والدك عالم ، فقد لحق المصدر بالأسماء بالقيام بنفسه ، والفعل لا يستغني عن الاسم ، فإذا كان كذلك وجب أن ما لا يحتاج إلى غيره أصلا في نفسه هو (٤) الاسم وما افتقر إلى غيره فرعا هو (٥) الفعل ، وهذا الدليل على أن الفعل مأخوذ من المصدر ؛ لا أن المصدر مأخوذ من الفعل (٦).
__________________
(١) انظر شرح الأشموني ٢ / ٣٣٤.
(٢) زيادة ليست في الأصل.
(٣) في الأصل : وجميع ، وقد أثبت ما يناسب المعنى.
(٤) في الأصل : وهو.
(٤) في الأصل : وهو.
(٥) انظر في الإنصاف المسألة (٢٨) : القول في أصل الاشتقاق ، الفعل هو أو المصدر؟