وأما (دار) و (باب) فإنما أعلّا ؛ لأن الجر والتنوين يدخلهما فيقع لهما الفصل بين الاسم والفعل ، فلم يجب تصحيحهما فحملا على الفعل في الإعلال ؛ لأنه أخف.
واعلم أنك إذا قلت ما أحسن ما قام زيد ف (ما) الثانية مع الفعل مصدر وزيد فاعل للقيام ولا تحتاج (ما) إلى ضمير يرجع إليها عند سيبويه ، لأنها بمنزلة (أن) في هذا الموضع وإن كانت بمنزلة (الذي) لم تجز المسألة لأنها في صلتها ضمير يرجع إليها ، فإن أردت أن تجعلها بمنزلة (الذي) قبح وكان لفظه : ما أحسن ما قام زيد إليه ، وكذلك تقول : ما أحسن ما كان زيد إذا جعلت (كان) بمنزلة وضع وجعلت (ما والفعل) مصدرا فإن نصبت زيدا بكان جعلتها بمنزلة (الذي) وجعلت في كان ضميرا يرجع إليها ونصبت زيدا على خبر كان ، وإنما قبح أن تجعل (ما) بمنزلة (الذي) في هذا الموضع ؛ لأن (ما) إنما تقع لذات ما لا يعقل ولصفات ما يعقل ، ولا يحسن أن تقع على ذات ما يعقل ، ألا ترى أنك لو قلت : ما كان في الدار؟ لكان الجواب : حمار أو ثور ، ولا يجوز أن يكون الجواب : زيد ولا عمرو ، إلا أنه جاز ما ذكرناه ؛ لأن الصفة هي (١) الموصوف ، فإن قلت : ما أظرف ما كان زيد ، و [ما أعلم ما كان زيد](٢) ، كان محالا ؛ لأن كان مع الفعل بمنزلة المصدر فيصير التقدير : ما أظرف كون زيد ، وما أعلم كون زيد ، والكون لا يوصف بالظرف ، والعلم ، فإن نصبت زيدا على أن تجعل (ما) بمنزلة (الذي) أجز ذلك ، فاعرفه.
واعلم أن الألوان والخلق إنما لم يشتق منها فعل للتعجب لوجهين (٣) :
أحدهما : أن أصل أفعالها أن يستعمل على أكثر من ثلاثة أحرف ، وذلك أن
__________________
(١) في الأصل : هو.
(٢) كتبت في الأصل على الهامش.
(٣) انظر شرح المفصل ٧ / ١٤٥.