عور أصله في الاستعمال : اعورّ ، وكذلك حول / أصله : احولّ ، وما زاد على الثلاثي من الأفعال في باب الاستعمال لم يجز أن يبنى منها فعل التعجب ؛ لأن ذلك يؤدي إلى إسقاط الزوائد منه حتى يرجع إلى ثلاثة أحرف ، ثم تدخل عليه همزة التعدي وإسقاط الزوائد منه يبطل معناه ، فلهذا لم يجز أن يبنى من الألوان (١) فعل التعجب ولا مما زاد على ثلاثة أحرف من الأفعال ، وإن كان زائدا (٢) إلا أن تكون الزوائد لو حذفت لم يخل بالمعنى فقولك : ما أفقر زيدا ، وإن كان المستعمل افتقر زيد ، لأنك رددت افتقر إلى فقر ، فكان اللفظ لا يغير من معنى الكلمة فلهذا جاز ، وكذلك تقول : ما أعطاه للدرهم وأولاه بالجميل ، لأنك رددت أولى وأعطى إلى أصلهما ثم نقلتهما بالهمزة فأصلهما واحد ، فلهذا جاز نقل أعطى وأولى (٣).
فإن قال قائل : فمن أين زعمتم أن الأصل في عور اعورّ وما تنكرون أن أصله عور لا اعورّ؟
قيل الدليل على ما ذكرناه من وجهين :
أحدهما : أنه قد اطرد في هذه الألوان والخلق أن يجيء على أفعل كقولك :أصفر وأخضر ولا يجيء على فعل نحوه (٤). فدل امتناع فعل التعجب من جميعها أنه مرفوع في الاستعمال فإن الأصل في الاستعمال الفعل المطرد في جميع الباب.
__________________
(١) في الأصل : الأولوان.
(٢) في الأصل : زيدا.
(٣) قال سيبويه في باب ما لا يجوز فيه ما أفعله : " وذلك ما كان أفعل وكان لونا أو خلقة ألا ترى أنك لا تقول :ما أحمره ولا ما أبيضه ، ولا تقول في الأعرج : ما أعرجه ... إنما تقول : ما أشد حمرته ... وما لم يكن فيه ما أفعله لم يكن فيه أفعل به رجلا ، ولا هو أفعل منه لأنك تريد أن ترفعه من غاية دونه ..." وللتفصيل انظر : الكتاب ٢ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ (بولاق) ، وشرح المفصل ٧ / ١٤٤ ـ ١٤٦.
(٤) في الأصل : نحوا.