فإن قال قائل : أليس النكرة [و](١) المضاف مخاطبين كالمفرد ، فهلا بنيا (٢) لوقوعهما موقع المكني كما يبنى المفرد؟
قيل له : الفصل بينهما من وجهين :
أحدهما : أن المفرد وقع بنفسه موقع المكني ، ألا ترى أنه يتعرف بنفسه كما يتعرف المكني ، وأما المضاف فيتعرف بالمضاف إليه ، فلم يقم مقام المكني في جميع أحكامه كما وقع المفرد ، وأما النكرة فبعيدة الشبه بالمكني لم يجز بناؤها ، والوجه أنّا لو سلمنا أن المضاف والنكرة وقعا موقع المكني كوقوع المفرد لم يلزم بناؤهما ؛ لأنه عرض في المضاف ما يمنع البناء وكذلك ما يقوم مقامه ، وأما النكرة فنصبت للفصل بينها وبين النكرة المقصود قصدها فبنيت النكرة المحضة على أصل البناء وبنيت النكرة المقصود قصدها إذ كانت هي المخرجة عن بابها ، وكانت أولى بالتغيير.
فإن قال قائل : فقد وجدنا مضافا مبنيا كقوله تعالى (٣) : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) [النمل : ٢٧ / ٦].
قيل له : إنما تردّ الإضافة الاسم إلى الإعراب إذا لم يكن المضاف مستحقا للبناء في حال الإضافة ، وهو متضمن للإضافة كالمنادى. ألا ترى أنه لا تلزمه الإضافة في جميع أحواله وأما لدن [ف](٤) ليس لها حال تنفك بها من الإضافة ، فلما كان البناء يلزمه في حال إضافته لم يجز إعرابه.
فإن قال قائل : أليس إذا خاطبت إنسانا فقلت له : أنت تفعل ، فقد يجوز أن
__________________
(١) زيادة ليست في الأصل.
(٢) في الأصل : يبنى.
(٣) والآية (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ).
(٤) الفاء زائدة ليست في الأصل.