أحدهما : أن تقدره تقدير (أي) ، أعني وصلة إلى ما فيه الألف واللام ، فإذا قدرت هذا التقدير لم يجز في الرجل إلا الرفع. والوجه الثاني : أن تجعل هذا بمنزلة زيد ؛ لأن في السكوت عليه فائدة ، فإذا قدرت هذا التقدير صار الرجل بعده بمنزلة الظريف بعد زيد فيجوز ذلك حينئذ الرفع والنصب ، فإن قلت يا أيها (١) الرجل ذو المال ، فلك في (ذي المال) الرفع والنصب ، فالرفع بالنعت للجر والنصب على البدل من أي ولا يجوز أن تقول أنه (٢) نعت ؛ لأن المبهمة لا تنعت بالمضاف وإنما لم يجز أن يكون المضاف نعتا ل (أي) في النداء ؛ لأن المضاف يمكن أن / تدخل عليه (يا) وقد بينا أن (أيا) إنما احتيج إليها وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام لامتناع دخول (يا) عليه ، فإذا كان المضاف يصح دخول (يا) عليه لم يحتج إلى (أي) فلهذا لم يجز أن تنعت (أيا) بالمضاف وأما إذا قلت : يا زيد الطويل ذو الجمة ، فلك في (ذي الجمة) الرفع والنصب ، فالرفع على النعت لزيد ، والنصب على وجهين أحدهما أن تجعله بدلا من زيد كأنك قلت : يا ذا الجمة ، والوجه الثاني : أن يكون نعتا لزيد.
واعلم أن الحروف التي ينادى بها خمسة وهي : يا ، وأيا ، وهيا ، وأي ، والألف.
فأما الألف فلا تستعمل إلا للقريب منك كقولك : أزيد أقبل ، فإن كان بعيدا استعملت له (يا) وسائر الحروف ، وإنما وجب ذلك ؛ لأن البعيد منك يحتاج إلى مد الصوت وسائر الحروف سوى الألف فيها حرف مد يمكنك مد الصوت به ؛ فلهذا وجب استعمالها للبعيد ، وأما القريب منك فلا يحتاج إلى مد الصوت فاختيرت له الهمزة ؛ لأنه لا مد فيها وهي همزة الاستفهام (٣) ، وإنما كانت الهمزة أولى لكثرة زيادتها أولا ، وأما (يا) فقد تستعمل للقريب والبعيد ، وإنما جاز ذلك
__________________
(١) في الأصل : يايها.
(٢) في الأصل : لأنه.
(٣) يعني أن الهمزة تستعمل للاستفهام كما تستعمل للنداء.