والوجه ما بدأنا به لما ذكرنا من العلّة ، وأيضا فإن حق اللفظ أن يكون اللفظ آخذا من المعنى ، والضم في المنادى قد اطرد حتى جرى مجرى المفعول ، فلما كان المنادى في المفرد له لفظ ومعنى حمل [النعت على](١) اللفظ أكثر ، وقد يجوز أن يحمل على المعنى إذ كان المنادى يصح السكوت عليه فيقع التصرف في النعت ، فإذا (٢) كان المنادى لا يصح السكوت عليه لم يجز التصرف في نعته وحمل على لفظه.
فإن قال قائل : فمن أين خصت (أي) من بين سائر الأسماء المبهمة بأن جعلت وصلة إلى نداء ما فيه الألف واللام؟
قيل له : لأن (أيا) لا معنى لها في نفسها ، وإنما يحسن معناها بما يضاف إليها وأما هذا ، وذاك ، وما أشبههما فلها معان في أنفسها ، فلما أرادوا إدخال اسم لغير (٣) فائدة في نفسه ، بل للوصلة إلى غيره كان (أيا) إذ لا معنى له في نفسه ، فكان أولى بالزيادة مما له معنى في نفسه.
فإن قيل : فلم زيدت (ها) على أصلها؟
قيل : في ذلك أقوال أحدها : أن (أيا) تستعمل مضافة ولا ينفصل من الإضافة إلا في النداء فلما حذف منها المضاف عوضت (أي) (ها).
وقول آخر : أنهم أدخلوها توكيدا للنداء.
ووجه ثالث : أن ما فيه الألف واللام هو المنادى في المعنى ، فلما لم يصح دخول (يا) عليه لما ذكرناه أدخلوا على (أي) (ها) للتنبيه ، فليكن قائما مقام حرف النداء الذي يستحقه الألف واللام.
واعلم أنك إذا قلت : يا هذا الرجل ، فلك فيه وجهان :
__________________
(١) كتبت في الأصل على الهامش.
(٢) في الأصل : فإذ.
(٣) في الأصل : لغيره.