على العامل فيها إذا كان فعلا متصرفا (١) ؛ لأن الحال مفعولة فإذا كان العامل فيها فعلا متصرفا جاز تقديمها عليه ، كما يجوز تقديم المفعول على الفعل لقوة الفعل سواء كانت من اسم مضمر أو مظهر ، والفراء يمنع من تقديم الحال إذا كانت من اسم ظاهر (٢) نحو : ضاحكا جاء زيد ، قال ؛ لأن في ضاحك ضميرا يرجع إلى زيد لا يجوز تقديمه عليه ، وهذا ليس بشيء عندنا ؛ لأن الضمير إذا تعلق باسم وكان ذلك الاسم مقدما على شريطة التأخير جاز تقديمه كقولك : ضرب غلامه زيد ، لأن المفعول شرطه أن يقع بعد الفاعل فكذلك حكم الحال.
وأما إذا كان العامل معنى فعل لم يجز تقديم الحال عليه كقولك : المال لك خالصا ، فلو قلت خالصا المال لك ، لم يجز ؛ لأن الفعل ليس بملفوظ به / وإنما اللام بتأويل الفعل لأنها تفيد الملك ، فلما كان العامل ضعيفا لم يجز تصريفه ألا ترى أن (إنّ) وأخواتها لا تعمل فيما قبلها لضعفها.
فإن قيل : أليس إذا قلت زيد خلفك ضاحكا ، فالعامل في خلف فعل مقدر وهو استقر والمضمر من الأفعال يجري مجرى المظهر في عمله فهلّا جاز تقديم الحال على الظرف ؛ لأن العامل في الحقيقة ليس هو الظرف؟
قيل له : لأن هذا الفعل لا يجوز أن يجري مجرى غيره من الأفعال في جواز التصرف ؛ لأنه قد خلفه الظرف ، ومع هذا إن هذا الفعل حكمه مسقط (٣) بأن لا يجوز إظهاره فلما صار في حكم المسقط وأقيم مقامه ما ليس بفعل فضعف عمله (٤).
__________________
(١) قال ابن يعيش : " واعلم أنه إذا كان العامل فيها فعلا جاز تقديم الحال عليه ، فتقول : جاء زيد قائما ، وجاء قائما زيد ، وقائما جاء زيد ، كل ذلك جائز لتصرف الفعل ..." شرح المفصل ٢ / ٥٧.
(٢) جاء في الكافية شرح الاستراباذي : " واعلم أن الكوفيين منعوا تقديم الحال على صاحبها إذا كان صاحبها ظاهرا مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا إلا في صورة واحدة وهي إذا كان ذو الحال مرفوعا ، والحال مؤخرا عن العامل فيجوزون : جاء راكبا زيد ، ولا يجوزون : راكبا جاء زيد ...". ١ / ٢٠٦.
(٣) في الأصل : مسقطا.
(٤) قال ابن يعيش : " فإن كان العامل في الحال معنى فعل لم يجز تقديمها على العامل ...".
وللتفصيل انظر شرح المفصل ٢ / ٥٧ ـ ٥٨.