ولأجل تقدم الإشارة يجب أن يكون المشار إليه غير معهود ، لأنه لا يجوز اسم في حال واحدة معهودا وهو غير معهود (١).
واعلم أنه في الأسماء أسماء تضاف إلى المعرفة ولا تكون معرفة لمعان تدخل فيها فمن ذلك : شبهك ومثلك ، لم يتعرفا بالإضافة ؛ لأن المماثلة تكون من جهات وإنما تقيد المخاطب أنه مثله ، وليس يعلم من أي وجه يماثله ، فلذلك لم يتعرف إلا [أن](٢) يكون شخصان ، وقد اشتهرا في الشبه بين الناس ، فيكون على هذا الوجه معرفة ، فنقول : مررت برجل مثلك وشبهك ، المعروف بشبهك ، فلذلك تعرف على هذا الوجه.
وأما حسبك بمعنى حسب الاكتفاء وهو مبهم ، فلذلك لم يتعرف.
وأما شبيهك فلا يكون إلا معرفة ، لأنه من أبنية المبالغة ؛ فصارت المبالغة فيه تؤدي عن شبه المعروف فلذلك تعرف.
وأما غيرك فلا يكون إلا نكرة ؛ لأن معناه عند المخاطب مجهول فلذلك لم يقع معرفة.
وأما باب حسن الوجه ، فالأصل فيه أن يستعمل في غير المتعدية نحو : ظريف وحسن وكريم وما أشبه ذلك فتقول : مررت برجل حسن وجهه ، فحسن نعت للرجل ، والهاء في وجهه ترجع إلى الرجل ، والوجه فاعل للحسن فإن ثنيت الأول / أو جمعته أو أنثته لم تغير لفظ حسن ؛ لأن الوجه مذكر ، والفعل إنما يؤنث إذا
__________________
(١) جاء في المغني : " قال ابن عصفور : أجازوا في نحو (مررت بهذا الرجل) كون الرجل نعتا ، وكونه بيانا ، مع اشتراطهم في البيان أن يكون أعرف من المبيّن ، وفي النعت ألا يكون أعرف من المنعوت ، فكيف يكون الشيء أعرف وغير أعرف؟
وأجاب بأنه إذا قدّر بيانا قدرت (ال) فيه لتعريف الحضور ، فقد يفيد الجنس بذاته ، والحضور بدخول (ال) ، والإشارة إنما تدل على الحضور دون الجنس ، وإذا قدر نعتا قدرت (ال) فيه للعهد ، والمعنى : مررت بهذا وهو الرجل المعهود بيننا ، فلا دلالة فيه على الحضور ، والإشارة تدل عليه ، فكانت أعرف ...". انظر : المغني ٥١ ـ ٥٢.
(٢) زيادة ليست في الأصل.