كان فاعله مؤنثا ، فلما كان فاعل الحسن مذكرا ليست فيه علامة التأنيث ولم يثن ولم يجمع لظهور فاعله ، فإن نقلت الضمير من الوجه إلى حسن صار الفعل للضمير ووجب أن تعتبر حال الضمير ، فإن كان مذكرا ذكرت فعله ، وإن كان مؤنثا لحقته علامة التأنيث ولم يعتد بالوجه ، وتثنيته وجمعه بحصول الضمير فيه ، فإذا استقر ما ذكرناه فبقي الوجه يحتاج إلى إعراب. وليس يجوز أن يبقى مرفوعا ؛ لأنه لا يكون لفعل واحد فاعلان فسقط رفعه ولم يبق له من الإعراب إلا النصب ، والجر أولى به ؛ لأن هذه الصفة ليست بمعنى فعل متعد فيستحق ما بعدها النصب فوجب أن يجري مجرى غلام زيد ، إلا أنك لما نقلت الضمير من الوجه اختارت العرب أن تعوض منهما الألف واللام ؛ لأن الألف واللام هما بمعنى الضمير لأنهما يعرفان ما دخلا عليه كما يعرف الضمير ، ومع ذلك فإن الألف واللام لما كانت للعهد والمعهود غائب جرتا مجرى الضمير ، إذ كان للغائب أعني الضمير فلذلك كانتا بالعوض أولى من سائر الحروف فتقول على هذا : مررت برجل حسن الوجه ، وبامرأة حسنة الوجه ، وقد يجوز أن تنون الصفة وتنصب الوجه تشبيها بضارب ، وإنما جاز أن يحمل عليه لاشتراكهما في الصفة وأنهما اسما فاعلين ، والتثنية والتأنيث يلحقهما فجريا مجرى شيء واحد ، فجاز أن يحمل أحدهما على الآخر ، فتقول : مررت برجل حسن الوجه ، ويجوز ألّا تعوض من الضمير ؛ لأنه قد علم أن الوجه للأول إذ كانت هذه الصفة ليست متعدية وكان إسقاطها أخف عليهم ، فإذا أسقطت الألف واللام جاز لك وجهان : الجر والنصب ، فالجر على الأصل ، والنصب على التشبيه بالمفعول.
ويجوز أن تدخل الألف واللام على الصفة لأنها لم تتعرف بما أضيف إليها وإن كان معرفة ، وإنما لم تتعرف به ؛ لأن المجرور فاعل في المعنى ، والفاعل لا يعرفه فعله ، فلما كانت إضافته لا يتعرف بها ، وكان حقه من جهة اللفظ أن يعرف