هذه الحروف بدل الإعراب وذلك أنهم يطلبون هذه العلامة في الدرج فلو أعربوا (من) لسقط إعرابها في الوقف إذ كان الإعراب لا يوقف عليه فعوضوا منه هذه الحروف إذ كانت تقع دلالة على الإعراب في نحو قولك : أخوك وأخاك وأخيك.
فإن قال قائل : فلم جعلوا العلامة في (من) ولم يأتوا بلفظ الرجل منصوبا فيقولوا : من رجلا ، كما يقولون ذلك في المعارف الأعلام؟
فالجواب عن ذلك أن النكرة لا تدل على شخص بعينه ، وتكررها يدل على أشخاص مختلفة لما ذكرناه أنها غير دالة على شخص بعينه ، ألا ترى أنك لو قلت : رأيت رجلا وجاءني رجل ، لكان الظاهر أن يكون الذي جاءك غير الذي رأيته ، فلو قالوا : من رجلا؟ لجاز أن يتوهم أن المسؤول (١) عنه رجل (٢) غير المذكور ، فلذلك لم يأتوا بلفظ النكرة / وجعلوا العلامة في (من).
فأما المعارف الأعلام فجاز حكايتها لأن الاسم العلم يدل على شخص بعينه ولو كرر فلذلك جاز حكايتها.
واعلم أن هذه العلامات إذا لحقت (من) في حال الإفراد والتثنية والجمع والتأنيث (٣) فإنما تثبت في الوقف ، فإذا وصلت سقطت ، وذلك أنهم جعلوا ما اتصل بالكلام عوضا من هذه الزيادة لأن هذه العلامات جعلت بدل الإعراب في الاستفهام ، وما كان من الإعراب إنما يثبت في الوصل دون الوقف وكانت هذه العلامات قد أقيمت مقام الإعراب ، فوجب أيضا أن تثبت في أحد الموضعين فلذلك وجب إثباتها في الوقف إذ كان في الوصل قد وقع منها عوض.
__________________
(١) في الأصل : المسئول.
(٢) في الأصل : رجلا.
(٣) انظر الكتاب ٢ / ٤٠٨ (هارون) هذا باب من إذا كنت مستفهما عن نكرة.