حصول الإنبات وفي النصب يصير وعاء وسببا للإنبات ، فلما كان الرفع أبلغ لثبات النبات بالضم اختير الرفع ، والنصب جائز.
واعلم أن الجواب بالواو يوجب (أن) لأن الواو للعطف وقد بينا أن حروف العطف لا تعمل شيئا ، وإذا وجدنا الفعل منصوبا بعدها وجب أن يكون منصوبا بغيرها وهو (أن) كما قلنا في الفاء ، وأنك تقدر ما قبلها تقدير المصدر كقولك : لا تأكل السمك وتشرب اللبن أي : لا يكن منك أكل وشرب ، ومعناه لا يجمع بينهما ؛ لأن الواو معناها الجمع بين الشيئين ، فعلى هذا يجري حكمها. /
وأما قول طفيل الغنوي (١) :
وما أنا للشيء (٢) الذي ليس نافعي |
|
ويغضب منه صاحبي بقؤول |
فعند سيبويه أن الاختيار نصب يغضب والرفع جائز ، وعند أبي العباس المبرد أن الرفع هو المختار والنصب جائز ، فحجة سيبويه أن الواو متعلقة بالنفي الذي في صدر الكلام ، والتقدير : ما أنا بقؤول للشيء الذي ليس نافعي ، واللام التي في قوله للشيء في موضع نصب بقؤول ، فلما كان استقرار الكلام على هذا المعنى صار تقديره أنه مما يقع من الشيء الذي هذه حاله ، وأما الرفع فبالعطف على نافعي ، وإنما ضعف النصب عند أبي العباس لأن الغضب ليس مما يقال ، وإذا جعل يغضب عطفا على أنا صار الخبر بقؤول وليس الغضب مما يقال : وإنما (٣) يقال الشيء الذي يقع منه الغضب ، وأما الرفع فلا يحتاج إلى تأويل فلذلك اختار أبو العباس الرفع وعدل عن النصب.
__________________
(١) البيت من الطويل وقد نسب عند البعض لكعب بن سعد الغنوي كما في الكتاب ٣ / ٤٦ ، وكتاب الشعر للفارسي ٢ / ٤٢٦ ، والرد على النحاة ١٥٠ ، وشرح المفصل ٧ / ٣٦ ، وكما في اللسان (قول) ، وأورده مع أبيات أخرى من القصيدة ، وكما في الخزانة ٨ / ٥٦٩ ، وهو بلا نسبة في : المقتضب ٢ / ١٩ ، وفي شرح أبيات سيبويه للنحاس ٢٧٩ ـ ٢٨٠. وطفيل الغنوي هو : طفيل بن كعب ، وكان من أوصف العرب للخيل ، الشعر والشعراء ١٧٣.
(٢) في الأصل : بالشيء.
(٣) في الأصل : وأما.