(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ) [البقرة : ٢ / ٢٤٥](١) فوجه الرفع فيه من وجهين :
أحدهما : أن يكون خبر ابتداء محذوف فهو يضاعفه ، ويكون معناه و (أن مبتدأ) أنه يضاعفه إذا قرض ، وأما وجه النصب فتقديره (٢) : من يكون منه قرض فمضاعف له ، فيكون سبب المضاعفة هو القرض من جهة اللفظ وفي الرفع يكون من جهة المعنى إذا حملته على الابتداء. وإن حملته على العطف أردت معنى النصب ، وأما قول الشاعر (٣) :
فلا زال قبر بين بصرى وجاسم |
|
عليه من الوسمي خود (٤) ووابل |
فينبت حوذانا وعوفا (٥) منورا |
|
سأتبعه من خير ما قال قائل |
فإنما اختير الرفع في ينبت وإن كان النصب جائزا لأن النصب إخبار (٦) عن
__________________
(١) والآية : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ.) قرأ ابن كثير : (فيضعّفه) بالرفع والتشديد ، وقرأ ابن عامر : (فيضعّفه) بالنصب والتشديد ، وقرأ عاصم (فيضاعفه) بالنصب والألف ، وقرأ الباقون بالألف والرفع. حجة القراءات ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٢) في الأصل : تقديره.
(٣) البيتان من البحر الطويل ، وهما للنابغة الذبياني كما جاء في الكتاب ٣ / ٣٦ وهما في ديوانه ولكن برواية مختلفة :
سقى الغيث قبرا بين بصرى وجاسم |
|
ثوى فيه جود فاضل ونوافل |
ولا زال يسقى بطن شرج وجاسم |
|
بجود من الوسميّ قطر ووابل |
وهما من قصيدة له في رثاء النعمان بن الحارث : الديوان ١١٩ ـ ١٢٠ ، وهما في المقتضب ٢ / ٢١ ، وفي شرح أبيات سيبويه للنحاس ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، وشرح أبيات سيبويه للسيرافي ٢ / ٥٦ ، وفي كتاب الرد على النحاة ١٤٦.
وقد وردت الأبيات في ديوان حسان بن ثابت ١ / ٥٠٦ ، وكذلك وردت منسوبة له في الأغاني ١٧ / ١٠٠ ورواه رواية أخرى ١٠٤ من الجزء نفسه :
فلا زال قبر بين بصرى وجلّق |
|
... |
(٤) الوسميّ : مطر الربيع الأول. القاموس (وسم)
والخود : الحسنة الخلق ، الشابة ، أو الناعمة ، ... (خود).
(٥) الحوذان والعوف : نبات طيب الرائحة ، انظر القاموس (حوذ) ٤٢٤ ـ ٤٢٥. (عوف) ١٠٨٥.
(٦) في الأصل : اختيارا.