يكون ما بعدها عقيب ما قبلها وليس (الواو) ، كذلك لأنها توجب الجمع بين شيئين ولا يكون لفظها دلالة على أن الجواب يستحق وقوع الشرط ، ولم يجز استعمال (ثم) لأنها للتراخي فإذا اعتقد المشروط له تراخي الجزاء عن وقوع فعله لم يحرص على الفعل ، فلذلك لم يجز استعمال (ثم) ، واستعملت (الفاء) لما ذكرناه ، وقد يجوز حذفها في الشعر. قال الشاعر (١) :
من يفعل الحسنات الله يشكرها |
|
والشر بالشر عند الله مثلان |
أراد (فالله يشكرها).
واعلم أن جواب الشرط فعلا كان أو مبتدأ وخبرا [لا يجوز أن يتقدم عليه ، وما يتقدم على الشرط لا يجوز أن يكون جوابا له فعلا كان أو مبتدأ وخبرا](٢) لأن الغرض في الجواب استغناء الكلام فاستغنى الكلام به إلا أنه لا يجوز أن تعمل فيه (إن) لأنها حرف والحروف ضعيفة العمل فلا يجوز أن تعمل فيما قبلها كقولك :
__________________
(١) البيت من البسيط ، وقد اختلف في نسبته فمنهم من نسبه إلى حسان بن ثابت ، وقد ورد في ديوانه في الزيادات التي نسبت إليه ١ / ٥١٦ ، ومنهم من نسبه إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت ، ومنهم من نسبه إلى كعب بن مالك ، وهو في الكتاب ٣ / ٦٥ ، ومعاني القرآن ١ / ٤٧٦ ، وفي المقتضب ٢ / ٧٢ ، وفي شرح أبيات سيبويه للنحاس ٢٨٦ ، وفي الخصائص ٢ / ٢٨١ ، وفي أمالي ابن الشجري ١ / ٢٤ ـ ٢ / ٩ ـ ١٤٤ ، وفي شرح المفصل ٩ / ٣ ، وفي ارتشاف الضرب ٢ / ٥٥٤ ـ ٣ / ٣٠٥ ، وفي أوضح المسالك ٣ / ١٩٣ ، وفي المغني ٦٧١ ، وفي شرح شواهد المغني للسيوطي ١ / ١٧٨ ـ ١ / ٢٨٦ ـ ١ / ٤٦٨ ، وفي الهمع ٤ / ٣٢٨ ، وفي شواهد التوضيح والتصحيح ١٣٥ ، وفي الخزانة ٩ / ٤٩.
وروي : من يفعل الخير فالرحمن يشكره. ولا شاهد في هذه الرواية.
(٢) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق. وقال سيبويه : " فإن قلت لئن تفعل لأفعلنّ قبح لأن لأفعلنّ على أول الكلام ، وقبح في الكلام أن تعمل إن أو شيء من حروف الجزاء في الأفعال حتى تجزمه في اللفظ ثم لا يكون لها جواب ينجزم بما قبله ، ألا ترى أنك تقول : آتيك إن أتيتني ، ولا تقول : آتيك إن تأتني إلا في الشعر ، لأنك أخرت إن وما عملت فيه ولم تجعل لإن جوابا ينجزم بما قبله فهكذا جرى هذا في كلامهم ... لمّا كانت إن العاملة لم يحسن إلا أن يكون لها جواب ينجزم بما قبله فهذا الذي يشاكلها في كلامهم إذا عملت ..." ١ / ٤٣٦ (بولاق).
وانظر مسألة تقديم الجواب في كتاب : الجملة الشرطية عند النحاة العرب ٣٠٤.