الأسماء دون الأفعال ، والدلالة على ذلك أن الأسماء لو لم تعرب لأشكل معناها ، ألا ترى أنك لو قلت : ما أحسن زيد ، لكنت ذاما له ، ولو قلت : ما أحسن زيد؟ لكنت مستفهما عن أبعاضه أيها أحسن ، ولو قلت : ما أحسن زيدا! لكنت متعجبا ، فلو أسقط الإعراب في هذه الوجوه لاختلطت هذه المعاني ، فوجب أن تعرب الأسماء ليزول الإشكال (١).
وأما الأفعال فإنها لو لم تعرب لم يشكل معناها لأنها بنيت لأزمنة مخصوصة ، فإعرابها وتركها لا يخلّ بمعناها ، والإعراب زيادة ، ومن شرط الحكيم ألا يزيد لغير فائدة ، فكان حق الأفعال كلها أن تكون سواكن ، إلا أن الفعل الذي في أوله الزوائد الأربع (٢) أشبه الاسم من أربع جهات (٣) :
أحدها : أن يكون صفة ، كما يكون الاسم كقوله : مررت برجل يضرب ، كما نقول : مررت برجل ضارب.
والثاني : أنه يصلح لزمانين أحدهما الحال والآخر الاستقبال ، ثمّ تدخل السين وسوف فتهيئه إلى الاستقبال ، كما أن قولك : ضارب لا يدل على شخص بعينه كما اختص الفعل بزمان بعينه.
والثالث : أن اللام التي تدخل في خبر إنّ ، تدخل على الاسم وعلى هذا الفعل كقولك : إن زيدا لقائم ، وإن زيدا ليقوم ، ويقبح دخولها على الماضي نحو : إن
__________________
(١) قال ابن فارس : " من العلوم الجليلة التي خصت بها العرب ؛ الإعراب الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام ، ولولاه ما ميز فاعل من مفعول ، ولا مضاف من منعوت ، ولا تعجب من استفهام ...". الصاحبي : باب ذكر ما اختصت به العرب ٤٢.
وهذا الرأي السابق هو رأي جميع النحاة إلا قطربا ، انظر الإيضاح ٦٩.
(٢) يعني الفعل المضارع الذي يبدأ بواحد من حروف (أنيت).
(٣) انظر شرح الأشموني :(" وأعربوا مضارعا" بطريق الحمل على الاسم ؛ لمشابهته إياه : في الإبهام والتخصيص وقبول لام الابتداء ، والجريان على لفظ اسم الفاعل : في الحركات والسكنات ، وعدد الحروف وتعيين الحروف الأصول والزوائد ...) ١ / ٢٣.