زيدا لقام ، فلما شارك الفعل المضارع الاسم في حسن دخول اللام عليه علمنا أن بينهما مشابهة ، وإنما قبح دخول اللام على الماضي لأن هذه اللام أصل دخولها على المبتدأ ونقلت عن موضعها لدخول إنّ عليها (١) ، وحق خبر المبتدأ أن يكون هو المبتدأ في المعنى (٢) ، فلما كان الفعل المضارع مشبها للاسم حسن دخول اللام عليه ولما بعد الماضي من شبه الاسم قبح دخولها عليه.
والرابع : أن قولك ضارب يصلح لزمنين ، وكذلك يضرب يصلح لزمانين ، وإنما صارت هذه / المشابهة لها تأثير لأن الاسم الواحد قد يقع لمسمّيات كثيرة (٣) ، فلما وقع المضارع لزمانين صار كالاسم الواقع لمسمّيين. بذلك صار هذا الوجه معتدا به في شبهه للاسم ، ولم يجز أن يعتد بكون ضرب دالا على الزمان الماضي ، فيجعل الماضي مشبها له في هذه الوجوه ، لأن دلالة الفعل على معنى واحد لا يوجب شبها بالأسماء ؛ لأن الاتساع إنما وقع في الأسماء لكون الاسم الواحد لمسميات لضيق الأسماء وكثرة المسمّين بها ، فما أشبهها من هذه الوجوه يجري مجراها وما دلّ على معنى واحد فهو على أصله ، فلما أشبه الفعل المضارع الاسم من هذه الجهات وجب أن يحمل على الاسم فيما يستحقه الاسم وهو الإعراب ، وإنما حمل على الاسم في الإعراب دون ما يستحقه الاسم من الجمع والتصغير وغير ذلك مما يخص الأسماء دون الأفعال لأن الإعراب لا يغير معنى الفعل بدخوله عليه ، وصار ما ذكرته يوجب معنى تغير الفعل وإخراجه إلى أن يكون اسما إذ كانت المعاني التي اختص بها الاسم مما لا يصح دخولها على الفعل ، اختص بها من حيث كان اسما ؛ فلذلك وجب أن يحمل الاسم على الفعل من
__________________
(١) لذلك سماها بعضهم اللام المزحلقة.
(٢) هذا ما عبر عنه سيبويه بقوله : " واعلم أن المبتدأ لا بد له من أن يكون المبني عليه شيئا هو هو". الكتاب ١ / ٢٧٨ (بولاق).
(٣) وهو ما يطلق عليه اسم المشترك اللفظي.