من مع الصرف ، لأن كثرة العلل الموجبة لمنع الصرف لا تخرج الاسم عن هذا الحكم ، فلذلك أجروه مجرى ما لا ينصرف.
وقد احتج أبو العباس لأهل الحجاز بأن قال : إن هذه الأسماء قبل العدل كانت لا تنصرف والعدل يزيدها نقصا وليس بعد النقص لما لا ينصرف إلا البناء فلذلك بنيت (١) ، وقد بينا أن هذه العلّة ليست بشيء ، والدليل على ذلك أن كثرة العلل الموجبة لمنع الصرف لا توجب للأسماء البناء ، ألا ترى أنك لو سميت رجلا بحبلى ، لم ينصرف وألف التأنيث وحدها (تمنع من الصرف) في حال التنكير فانضمام علّة التعريف إليها لم تخرج الاسم إلى البناء ، فكذلك العدل أيضا لا يوجب البناء (٢) وإنما استحقت البناء لما ذكرناه من الشبه بفعال التي للأمر.
واعلم أن بني تميم يوافقون أهل الحجاز فيما كان آخره راء نحو قولهم : للكوكب (٣) حضار ، وسفار (٤) لماء معروف ، وإنما اختار بعض بني تميم الكسر لأن الإمالة فاشية في لغة تميم ليوافقوا لغتهم ويسهل اللفظ عليهم به ، ويكونوا قد ذهبوا في علّة البناء إلى ما ذهب إليه أهل الحجاز ، وبعض بني تميم [يعاملون](٥) ما آخره راء بمنزلة ما ليس في آخره راء ويصير على قياسه.
__________________
(١) قال الزجاج : " وكأن لأبي العباس مذهب في هذا :
كان يزعم أنك لو سميت امرأة ب (حاذمة) كنت لا تصرفها ، فلما عدلت (حذام) عن (حاذمة) بنيته ، لا مرتبة في خط الإعراب بعد ترك الصرف إلا البناء ...".
ما ينصرف وما لا ينصرف ٧٦.
(٢) في الأصل كررت الجملة كلها.
(٣) في الأصل : للوكوكب.
(٤) قال سيبويه : " فأما ما كان آخره راء فإن أهل الحجاز وبني تميم فيه متفقون ، ويختار بنو تميم فيه لغة أهل الحجاز كما اتفقوا في يرى ..." الكتاب ٣ / ٢٧٨ (هارون).
(٥) زيادة ليست في الأصل.