صحة ما قالوا أنك لو قلت : عندي عشرون رجالا ، احتمل أن يكون كل واحد من العشرين رجالا فتكون المجموع ستين أو أكثر والدليل على صحة ما قال قول الشاعر :
سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا |
|
فكيف لو قد سعى عمرو عقالين (١) |
لأصبح القوم أو بادا فلم يجدوا |
|
عند التفرق في الهيجا جمالين |
فأجرى جمالين مجرى درهمين ، أراد جمالا لهذه الفرقة ولا يجوز أن يكون سنين نعتا لثلاث مئة لأنه اسم جامد فيقبح النعت به ، وقد أجاز الفراء نصب سنين على التمييز (٢) واحتج بقول الشاعر (٣) :
فيها اثنتان وأربعون حلوبة |
|
سودا كخافية الغراب الأسحم |
فقال سودا فجمع وهذا لا يشبه ، لأن الشاعر قد ذكر المميز وهو حلوبة ثم
__________________
(١) الشاهد من البسيط وهو منسوب في بعض المصادر إلى عمرو بن عدّاء الكلبي كما في الخزانة ٧ / ٥٧٩ ـ ٧ / ٥٨١ ، وهو في شرح المفصل ٤ / ١٥٣ ، وفي الارتشاف ١ / ٢٥٢ ، وفي الهمع ١ / ١٣٩.
والمعنى كما في الخزانة : أن معاوية بن أبي سفيان استعمل ابن أخيه عمرو بن عتبة بن أبي سفيان على صدقات كلب فاعتدى عليهم ، فقال عمرو بن عداء الكلبي هذا الشعر ، وسعى في الموضعين من سعى الرجل على الصدقة أي الزكاة يسعى سعيا في أخذها من أربابها ، وعقالا وعقالين منصوبان على الظرف أراد مدة عقال ومدة عقالين ، والعقال صدقة عام ... ، والسبد بفتحتين الشعر والوبر ... إذا قيل : ما له سبد ولا لبد ، فمعناه ما له ذو سبد وهي الإبل والمعز ولا ذو لبد وهي الغنم ، ثم كثر ذلك حتى صار مثلا مضروبا للفقر ... أي : تولى هذا الرجل علينا سنة في أخذ الزكاة منا فلم يترك لنا شيئا لظلمه إيانا فلو تولى سنتين علينا على أي حال كنا نكون ... والوبد بالتحريك : شدة العيش وسوء الحال ... والهيجاء : الحرب ... وثنى الجمال لأنه جعلها صنفين :صنفا لترحلهم يحملون عليها أثقالهم ، وصنفا لحربهم يركبونه.
(٢) انظر معاني القرآن للفراء ٢ / ١٣٨.
(٣) البيت من البحر الكامل وهو لعنترة العبسي في ديوانه ١٩٣ ، وجمهرة أشعار العرب ٩٥ وفي معاني القرآن للفراء ١ / ١٣٠ ـ ٢ / ١٣٨ ، وفي الحيوان ٣ / ٤٢٥ ، وفي شرح المعلقات السبع للزوزني ٢٦٧ ، وفي شرح المفصل ٦ / ٢٤ ـ ٣ / ٥٥ ، وفي شرح شذور الذهب ٣٢٥ ، وفي الخزانة ٧ / ٣٩٠.