أعينا ، ولو كان في الكلام لجاز أن تقول : أنفسا مكان نفسا يعني أن النفس والعين في المسألتين جميعا يراد بهما الجمع فاكتفى بالواحد فيه لدلالة الكلام عليه على الإرادة وإن شئت جمعت مثل هذا على الأصل ، وإنما جاز الجمع ها هنا ولم يجز فيما بعد العشرين أن تميز بلفظ الجمع أن عشرين قد حصل فيها مقدار العدد والفعل يجوز أن يكون للواحد والجمع ، فذكر ذلك بلفظ الجمع ليدل بذلك أن الفعل لجماعة ولا يجوز إدخال الألف واللام في النفس والعين لأنهما منصوبان على التمييز وقد بينا فيما تقدم أن التمييز لا يكون إلا نكرة وأما قوله تعالى : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) [الكهف : ١٨ / ٢٥] ، فذكر أبو إسحاق الزجّاج أن سنين نصب على البدل من الثلاث مئة (١) قال ولو نصبت السنين على التمييز لكانوا قد لبثوا تسع مئة سنة وأكثر من ذلك والدليل على
__________________
يشرح ما جاء في الكتاب ودليلنا على ذلك قوله : " قال ومما جاء في الشعر على لفظ الواحد ... ، قال ومثل هذا في الكلام قوله تعالى ..." وهو يقصد ذلك سيبويه ذلك أن كلامه بعد القول هو لسيبويه الذي يقول : " ... ومما جاء في الشعر على لفظ الواحد يراد به الجميع :
كلوا في بعض بطنكم تعفوا |
|
فإن زمانكم زمن في خبيص |
ومثل ذلك في الكلام قوله سبحانه وتعالى : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً ...) وقررنا به عينا وإن شئت قلت أعينا وأنفسا ..." انظر الكتاب ١ / ١٠٨ (بولاق).
(١) قال القيسي في مشكل إعراب القرآن :
" وقال الزجاج : (سنين) في موضع نصب عطف بيان على ثلاث". ٢ / ٤٠
وجاء في تفسير القرطبي أن الجمهور قرأها بتنوين مئة ونصب سنين ... ، وقرأ حمزة والكسائي بإضافة مئة إلى سنين ، وترك التنوين ، كأنهم جعلوا سنين بمنزلة سنة إذ المعنى بهما واحد ... وقال الفراء والكسائي وأبو عبيدة : التقدير : ولبثوا في كهفهم سنين ثلثمئة ... ١٠ / ٣٨٧.
وقال الزجاج : (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً) جائز أن يكون (سنين) نصبا ، وجائز أن تكون جرا ، فأما النصب فعلى معنى فلبثوا في كهفهم سنين ثلاثمئة ، ويكون على تقدير آخر (سنين) معطوفا على ثلاث عطف البيان والتوكيد ، وجائز أن تكون (سنين) من نعت المئة ، وهو راجع في المعنى إلى ثلاث ... ويجوز ـ وهو الأجود عندي ـ أنه إخبار عن الله أخبرهم بطول لبثهم". معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩.
وانظر أيضا : كشف المشكلات وإيضاح المعضلات ٢ / ٧٥٣.