وأما ما سواها من الهمزات فلم يكن فيه ما يوجب هذا الحكم من الثقل فوجب إقراره على لفظه إذ كان حكمه وحكم سائر الحروف سواء في اجتماعه مع ياء النسبة ، وإنما كان قلب همزة التأنيث إلى الواو أولى من سائر الحروف لوجهين :
أحدهما : أن الواو تقع علامة لجمع المذكر ، والمذكر كالأصل للمؤنث وقد بيّنا أن الغرض أن تقلب هذه لتبعد عن حكم التأنيث فلما كانت الواو لما ذكرناه أشد مباينة للمؤنث من سائر الحروف كانت أولى بقلب الهمزة إليها.
والوجه الثاني : هي بدل من ألف التأنيث فكانت أولى.
واعلم أن جميع ما ذكرناه من الممدود سوى الممدود الذي ينصرف يجوز أن تقلب همزته واوا فنقول : قراوي ، وكساوي ، وعلباوي ، وبعضه أحسن من بعض فقلت : همزة علباء أحسن ، لأنها مشاركة لهمزة التأنيث في الزيادة فحملت عليها لأن الهمزة أثقل من الواو إذ كانت تقع (١) في الصدر فصار في قلبها إلى الواو فائدة (٢) ، وهو خفة اللفظ فلذلك جاز تشبيهها بهمزة التأنيث وإقرارها (٣) على لفظها لأن ذلك يفيد ثقلا فإذا ثبت للكلمة حكم بالخفة لعلّة أوجبت ذلك لم يجز نقله إلى ما هو أثقل منه ، ولذلك جاز حمل الهمزات التي هي لغير التأنيث على همزة التأنيث ، ولم تحمل همزة التأنيث عليها ، وأما همزة كساء فجاز قلبها واوا بالحمل على همزة علباء لأن الملحق بالأصل يجري مجرى الأصل ، فلما جاز قلب الهمزة الملحقة واوا جاز قلب همزة رداء ، وكساء واوا لأنهما يشابهان ألف علباء في انقلابهما من الياء إلى الهمزة ، وأما همزة قراء فقلبها بعيد وهو جائز ،
__________________
(١) في الأصل كلمة لم أتبينها.
(٢) في الأصل : وهو.
(٣) في الأصل : إقراره.