كانت النسبة تقوى على تغيير الاسم وحذف ما لا يجوز حذفه في التثنية والجمع السالم كانت أيضا قوية على رد المحذوف كما قويت على حذف الموجود ليكون هذا إذا رد في النسبة عوضا مما يوجبه حذف ياء النسبة وكذلك صار ردّ ياء النسبة أقوى على ردّ المحذوف من التثنية والجمع السالم إذ كانت التثنية والجمع السالم إنما طريقهما نحو علامتهما ببناء الاسم من غير تغيير لصيغته.
وأما ما رد في التثنية والجمع السالم فلا بد من رده في النسبة ؛ لأن الأضعف إذا قوي على رد المحذوف كان الأقوى أولى برده فتقول في النسب إلى أخ : أخوي ، وإلى أب : أبوي ، وإلى سنة : سنوي ، لأنك تقول أخوان ، وأبوان ، وسنوات ، ومن جعل سنة من سانهت ، قال في النسب : سنهي ، لأنه إنما وجب ردها لقيامها مقام الواو لأنه وإن لم تقل سنهات فإنما ذلك لاكتفائهم بالسنوات عنه فلذلك وجب رد الهاء في النسبة على اللغة الأخرى فاعرفه.
واعلم أن الأصل في يد : يدي ، على وزن فعل بسكون العين ويكون بتحريك الدال في الشعر لما ذكرناه من مذهب سيبويه في أن الدال لما كف منها الحركة في حال النقص ثم ردّ إلى الاسم ما حذف حركت (١) الدال لتكون / حركتها دلالة على لزوم الحركة لها في حال النقص ، وجئت بالفتح لأن علامة التثنية توجب فتح ما قبلها فلما ظهرت الياء حركت الدال بالحركة التي كانت تستحقها ثم حذفت الياء في التثنية ، وإن شئت قلت : إنما خصت بالفتح لأن الفتح أخف الحركات والغرض بتحريك الدال الدلالة على أن لها حالا تلزمها فيه الحركة ونحن نصل بالفتح إلى هذه الدلالة فوجب استعماله بالفتح دون الضم والكسر إذ كانا أثقل من الفتح ، فأما غد فقد استعمل في الشعر على أصله وصار ذلك دليلا بينا على أصله فعل بسكون العين ، وأما دم فالأظهر فيه فتحة الميم في الشعر لأنه
__________________
(١) في الأصل : حركت.