فالجواب في ذلك أن التغيير إنما لزم في التثنية والجمع ولم يلزم في المقصور وإن استويا فيما ذكره السائل ؛ لأن المقصور يستدل على إعرابه بنظيره من الصحيح ، وبنعته فصار ما في النعت والنظير من علامة الإعراب يغني عن تغير آخر المقصور. ألا ترى أنك إذا قلت : هذه عصا معوجة ، بان الرفع في معوجة ، وكذلك لو صغت في مكانها اسما غير معتل لبان الإعراب فيه نحو : هذا جمل /.
وأما التثنية والجمع فلا نعت لهما إلا بتثنية أو جمع ولا نظير لهما إلا كذلك (١) ، فلو لزمت وجها واحدا لم يكن على إعرابها دليل فجعل تغيرها (٢) عوضا من عدم النظير.
فإن قال قائل : فلم دخلت النون في التثنية والجمع؟
قيل له : عوضا من الحركة والتنوين (٣).
فإن قال قائل : فلم وجب أن يعوض من الحركة والتنوين؟
قل له : لأن من شرط التثنية وهذا الجمع أن يكون له علامة مزيدة على لفظ الواحد فكان يجب أن تلحقه الحركة والتنوين فلما وجب أن يدخل التنوين والحركة التثنية والجمع وعوض ما يمتنع من دخولهما وجب أن يعوض منهما ؛ لئلا يخل بما يوجبه ترتيب اللفظ. وقد بينا أن الحركة إنما سقطت استثقالا ، وأما التنوين فوجب إسقاطه لأنه ساكن وهذه الحروف سواكن فلم يكن يخلو من أحد أمرين :
__________________
(١) قال ابن الأنباري : " فإن قيل : ففي كم حكما تتبع الصفة الموصوف؟ قيل : في عشرة أشياء ، في رفعه ونصبه وجره وإفراده وتثنيته ، وجمعه ، وتذكيره وتأنيثه ، وتعريفه ، وتنكيره ..." أسرار العربية ٢٩٤.
(٢) في الأصل : بغيرها.
(٣) قال سيبويه : " واعلم أنك إذا ثنيت الواحد لحقته زيادتان : الأولى ... وتكون الزيادة الثانية : نونا كأنها عوض لما منع من الحركة والتنوين" الكتاب ١ / ١٨ (هارون) وعرض ابن الأنباري هذه العلّة واختلاف النحاة فيها. انظر أسرار العربية ٥٤.