إما إسقاط هذه الحروف لسكونها وسكون التنوين فتزول علامة التثنية والجمع والحركة فيؤول إلى الاستقبال.
أو تحرك التنوين فيصير نونا لازمة وتخرج عن حكم العلامة التي وضع لها ، فلم يبق غير حذفها فلهذا وجب إسقاط التنوين فلما دخلت النون عوضا لما ذكرناه دخلت ساكنة لأن الحرف إنما تحرك لزيادة الحركة عليه وهي غيره ، فإذا زدناه مجردا من الحركة بقي ساكنا وقبله علامة التثنية والجمع وهي ساكنة فالتقى ساكنان فحركت النون لالتقاء الساكنين.
فإن قال قائل : فلم كسرت في التثنية وفتحت في الجمع (١)؟ ففي ذلك وجوه : أحدها : أن التثنية قبل الجمع وحتى الساكن إذا حرك بالكسر فقد استحقت نون التثنية الكسر على الأصل ؛ لأنها سابقة للجمع ، وجازت نون الجمع وقد فات كسرها ففتحت لئلا يلتبس بنون التثنية ، فلم يبق لها من الحركات إلا الضم والفتح ، فالضم مستثقل فيسقط وبقي الفتح.
ووجه ثان وهو أن الجمع يقع قبل النون فيه واو قبلها ضمة أو ياء قبلها كسرة فكرهوا كسرة النون لئلا يثقل بتوالي الكسرات أو يخرجوا من ضم إلى كسر فسقط الكسر وهو بالإسقاط أولى ، فلم يبق إلا الفتح فجعل الكسر للأخف والفتح للأثقل ليعتدلا.
فإن قال قائل : فما الذي أحوج إلى الفصل بين نون التثنية ونون الجمع وصيغة التثنية مباينة لصيغة الجمع وإن سقطت النون فما الحاجة إلى الفصل؟
قيل : قد يشكل جمع المقصور في النصب والجر بتثنية الصحيح كقولك : رأيت المصطفين ، فيقع ما قبل ياء الجمع مفتوحا كما تقول في تثنية زيد : رأيت الزيدين ،
__________________
(١) انظر للتفصيل الإيضاح ١٢١ ، وأسرار العربية ٥٥ ـ ٥٦.