ومررت بالزيدين ، فلو لم يكسروا نون التثنية ويفتحوا نون الجمع لالتبس جمع المقصور بتثنية الصحيح فلما وجب الفصل بين هذين أجروا كل تثنية وكل جمع على هذا لئلا تختلف طريقتهما.
فإن قال قائل : لم كانت النون بالزيادة أولى من سائر الحروف؟
قيل له : لم يمكن زيادة بعض حروف المد في التثنية والجمع استثقالا / لاجتماعهما ومع هذا فكان يجب إذا وقع حرف المد بعد ألف التثنية أن يهمز لأن كل حرف مد وقع طرفا قبله ألف زائدة فلا بد من همزه فكان ذلك يؤدي إلى تغيير الحرف عن أصله فوجب أن تزاد النون من بين سائر الحروف لما ذكرناه في الجمع من مذهب سيبويه وهو الصحيح عندنا.
وأما أبو الحسن الأخفش وأبو العباس المبرّد (١) ومن تابعهما فيقولون هذه الحروف دلائل على الإعراب وليست بإعراب ولا حروف إعراب (٢) وهذا قول فاسد ؛ لأنه يقال لقائله : خبرنا عن قولك إن هذه الحروف دلائل إعراب وليست بإعراب ولا حروف إعراب هل يدل على إعراب في الكلمة أو في غيرها؟
فإن قال قائل : تدل على إعراب في الكلمة ، (فلا بد له من أن يقدر الإعراب فيها ، إذ كانت هي أواخر الكلم فيرجع قوله إلى قول سيبويه وتسقط هذه العبارة ، أو يقول : تدل على إعراب في غير الكلمة) (٣). فيقال له : فإذا [كان](٤) الإعراب لا في الكلمة ، وما عدم إعرابه فهو مبني ، ومن مذهبه أن التثنية والجمع
__________________
(١) أبو العباس المبرّد هو : محمد بن يزيد بن عبد الأكبر شيخ نحاة البصرة وصاحب المقتضب والكامل ت ٢٨٥ ، انظر ترجمته في طبقات الزبيدي ١٠٨ ، الإنباه ٣ / ٢٤١ ، والبغية ١١٦ ، وكتاب المبرد حياته وآثاره.
(٢) أشرت إلى ذلك في صفحة سبقت ص ٤٦ ، وأيدهم في ذلك المازني كما جاء في الإيضاح ١٣٠ وجاء في الكافية : " وقال الأخفش والمازني والمبرّد أنها دلائل الإعراب لا حروف الإعراب" ١ / ٣٠.
(٣) ما بين قوسين استدركه الكاتب في الأصل على الهامش.
(٤) زيادة ليست في الأصل.