يكون لفظه محصورا فلهذا جاء مختلفا وفارق التثنية وإن استويا في أنهما فرعان على الواحد.
وأما الواحد فلم يجب أن يلزم لفظا واحدا لأنه أصل مبتدأ به موضوع على أشخاص يفصل بينهما بحدود وخواص فلا بد أن تكون ألفاظه مختلفة والتثنية والجمع يراد بهما الشيئان (١) يضم بهما الشيء إلى مثله ، فلهذا كان يجب أن تكون ألفاظهما متفقة ولكن وجب الفصل بين التثنية والجمع لما ذكرنا. فإذا أردت جمع المؤنث جمع السلامة زدت في آخره ألفا وتاء.
وإنما وجب زيادة هذين الحرفين لما ذكرناه [من](٢) أن حروف المد أولى (٣) بالزيادة وكانت الألف أولى في هذه المواضع لأنها أخف حروف المد والمؤنث ثقيل والجمع أيضا ثقيل فوجب أن يدخل أخف الحروف فكانت الألف أحق بذلك لخفتها ولم يجز أن تزاد معها من حروف المد واللين لما ذكرناه من وجوه قلبه (٤) إلى غير جنسه ، ولم يجز الاقتصار على الألف وحدها لئلا يلتبس بالتثنية ، فطلبوا حرفا يكون بدلا من الواو التي هي حرف مد فجاؤوا (٥) بالتاء (٦) / ألا ترى أنها تبدل من الواو في تخمة وتجاه والأصل وخمة ووجاه.
وكان أيضا إدخال التاء أولى لأنها مع مقاربتها للواو توجب حذف التاء التي في الواحدة فنقول في مسلمة : مسلمات ، والأصل مسلمتات ، فأسقطوا التاء
__________________
(١) في الأصل : الشيئين.
(٢) زيادة ليست في الأصل يقتضيها السياق.
(٣) في الأصل : أولا.
(٤) في الأصل : قبله.
(٥) في الأصل : فجاءوا.
(٦) انظر الكتاب ١ / ١٨ (هارون) قال سيبويه : " ومن ثمّ جعلوا تاء الجمع في الجر والنصب مكسورة ، لأنهم جعلوا التاء التي هي حرف الإعراب كالواو والياء والتنوين بمنزلة النون لأنها في التأنيث نظيرة الواو والياء في التذكير فأجروها مجراها".