والأصل : علابط وهدابد ، لأنهم (١) يستعملون الوجهين جميعا بمعنى واحد فعلم أنهم خففوا اللفظة لطولها حتى صارت : علبط ، وهدبد (٢) ، وكذلك ضربني جاز أن يجتمع فيه أربع حركات متواليات لأن المفعول لا يلزم الفعل فلم يعتبروا بتوالي الحركات إذ كانت غير لوازم ، فإذا صح أنه ليس في كلامهم ما ذكرنا لم يجز تبقية الضاد في تضرب على حركتها. فإن قال قائل : لم صارت أولى بالإسكان؟
قيل : لأن الأول لا يجوز إسكانه لأنه ابتداء بساكن ، ولا يجوز إسكان آخر الفعل لأن ذلك يوجب بناءه وقد حصل مستحقا للإعراب بالمضارعة للاسم ، فلم يبق إلا الضاد ، والراء عين الفعل وبها يعرف اختلاط الأفعال مما هو على : فعل ، أو فعل ، أو فعل فلما كان الإسكان في الراء يوجب لبسا لم تسكن ، ولم يبق إلا الضاد ، فلهذا صارت بالإسكان أولى ، فأما يدحرج فلم يعرض فيه توالي أربع حركات وجاء على الأصل.
فإن قال قائل : أليس أكرم على وزن دحرج ، والمضارع بإسكان الثاني من أكرم خلافا لدحرج فما وجه ذلك؟
قيل له : الأصل في يكرم : يؤكرم كما تقول : يدحرج ولكن الهمزة حذفت ، والسبب في حذفها أن المتكلم لو أخبر عن نفسه لزمه أن يقول : أنا أأكرم ، فتلتقي همزتان زائدتان ، وذلك مستثقل ، وقد وجدناهم يحذفون الهمزة الأصلية استثقالا لها كقولك : خذ وكل ، والأصل أخذ وأكل ، لأنه من أخذ وأكل ، فكان حذف الزائد أولى مع ما فيه من الاستثقال فوجب أن تحذف الهمزة.
__________________
(١) مكررة في الأصل.
(٢) في اللسان : عليبط : " رجل علبط وعلابط : ضخم عظيم ، وناقة علبطة عظيمة ، وصدر علبط عريض ، ولبن علبط : رائب ... والعلبط والعلابط القطيع من الغنم ..." (علبط).
(هدد) ، الهدبد : كعلبط : اللبن الخاثر جدا ، كالهدابد ، والحفش ، وضعف العين ، وصمغ أسود ، والضعيف البصر والعشاء لا العمش. القاموس (هدد).