/ ثم أتبعوا سائر حروف المضارعة الحذف لئلا يختلف طريق الفعل ، والهمزة المحذوفة هي الثابتة لأن الأولى دخلت لمعنى فكان حذف التي لا معنى لها أولى ، وأيضا فإن الثانية هي الموجبة لثقل الكلمة إذ كانت الأولى لا تثقل بها الكلمة فكان الموجب للثقل (١) أولى بالحذف.
فإن قال قائل : فلم اختلف أول أفعال المضارعة ، وكان الرباعي منها مضموم الأول وما عداه مفتوح الأول؟
فالجواب في ذلك أن الأصل الفتح في جميع ذلك ، وإنما وجب الفتح لأنه أخف الحركات ، ونحن نتوصل به إلى الابتداء كما نتوصل بالضم والكسر فكان استعمال (الفتح أخف) (٢) وأولى (٣) إلا أن المضارع من الفعل الرباعي إذا كان أول الماضي همزة وقد بيّنا أنه يجب إسقاطها فيصير لفظ المضارع على أربعة أحرف في الرباعي فيصير كمضارع الفعل الثلاثي ، فلو بقيناه مفتوحا التبس بالثلاثي فضم أول مضارع الرباعي ليفصل بينه وبين مضارع الثلاثي ثم أتبع سائر مضارع الرباعي لهذا القسم (٤) لئلا يختلف طريقه ويجري الفعل على طريق واحد.
فإن قيل : فلم كان الفصل بالضم أولى؟
قيل له : لأن الضم هو الأصل والكسر مستثقل (٥) ، إذ كان الجر قد منع من الفعل فلم يبق إلا الضم.
__________________
(١) في الأصل : للثقيل.
(٢) كتب في الأصل على الهامش.
(٣) كتبت الجملة دون ترتيب. فكان خف استعمال الفتح وأولى ، وقد أثبت ما يناسب المعنى.
(٤) قال ابن الحاجب في كافيته : " ... وأصل الأفعال ثلاثي ورباعي ، فتحت حروف المضارعة في الثلاثي لأن الفتح لخفته هو الأصل ، فكان بالثلاثي الأصل أولى ، أو لأن الرباعي أقل فاحتمل الأثقل الذي هو الضم .." ٢ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٥) جاء في الكافية أيضا : " ... وتركوا الكسر لأن الياء من حروف المضارعة يستثقل عليها ، وكسر حروف المضارعة إلا الياء لغة غير الحجازيين إذا كان الماضي مكسور العين ... فلما ضموا في الرباعي الأصلي حروفه ، حمل عليه الرباعي المزيد فيه ، كيفاعل ، ويفعّل ، وبقي غير الرباعي على أصل الفتح لخفته ..." ٢ / ٢٢٨.