وقدّم الأخصّ في اتّصال |
|
وقدّ من ما شئت في انفصال |
ضمير المتكّم أخصّ من ضمير المخاطب ، وضمير المخاطب أخصّ من ضمير الغائب ، فإن اجتمع ضميران منصوبان أحدهما أخصّ من الآخر فإن كانا متصلين وجب تقديم الأخصّ منهما فتقول : «الدرهم أعطيتكه ، وأعطيتنيه» بتقديم الكاف والياء على الهاء ، لأنهما أخصّ من الهاء ، لأن الكاف للمخاطب ، والياء للمتكلم ، والهاء للغائب ، ولا يجوز تقديم الغائب مع الاتصال ، فلا تقول : «أعطيتهوك» ولا : «أعطيتهوني» ، وأجازه قوم ، ومنه ما رواه ابن الأثير في غريب الحديث من قول عثمان رضياللهعنه : «أراهمني الباطل شيطانا» (١).
فإن فصل أحدهما كنت بالخيار ، فإن شئت قدّمت الأخصّ فقلت : «الدرهم أعطيتك إياه ، وأعطيتني إياه» ، وإن شئت قدمت غير الأخصّ فقلت : «أعطيته إياك وأعطيته إياي» ، وإليه أشار بقوله : «وقدّ من ما شئت في انفصال». وهذا الذي ذكره ليس على إطلاقه ، بل إنما يجوز تقديم غير الأخصّ في الانفصال عند أمن اللّبس ، فإن خيف لبس
__________________
وقد تمثل الشارح بهذا البيت ليقول : إذا جاءك رأي سيبويه فتمسك به ولا تلتفت إلى غيره ، وهذه الطريقة ليست منهجا علميا صحيحا ، فالإنسان ليس معصوما ، وكل عالم يؤخذ من كلامه ويترك.
(١) أرى : فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره للتعذر ، والهاء : ضمير متصل في محل نصب مفعول به أوّل ، والميم : علامة الجمع ، والنون : للوقاية ، وياء المتكلم : ضمير متصل في محل نصب مفعول به ثان ، الباطل : فاعل ، شيطانا : مفعول به ثالث لأرى. الشاهد فيه : أراهمني فقد وصل الضميرين (هم والياء) مع أن الثاني أعرف من الأول وكان الواجب الفصل.
جاء في شرح التصريح قوله : وأما قول عثمان رضياللهعنه : «أراهمني الباطل شيطانا» فنادر ، والأصل : أراهم الباطل إياي شيطانا. وقال ابن الأثير : وفيه شذوذان : الوصل وترك الواو لأن حقه : أراهموني كرأيتموها.