وقد ورد في فضلها أحاديث متفاوتة أصحها الأحاديث المتقدمة.
وهي من السور التي نزلت جملة واحدة. روى الديلمي في مسند الفردوس عن أنس قال : «نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة». وقد أغفل هذا صاحب «الإتقان».
عدت آيها في عدد قراء المدينة ومكة مائة وخمسا ، وفي عدد قراء الشام مائة وستا ، وفي عدد قراء البصرة مائة وإحدى عشرة ، وفي عد قراء الكوفة مائة وعشرا ، بناء على اختلافهم في تقسيم بعض الآيات إلى آيتين.
وسبب نزولها ما ذكره كثير من المفسرين ، وبسطه ابن إسحاق في سيرته بدون سند،وأسنده الطبري إلى ابن عباس بسند فيه رجل مجهول : أن المشركين لما أهمهم أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وازدياد المسلمين معه وكثر تساؤل الوافدين إلى مكة من قبائل العرب عن أمر دعوته ، بعثوا النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة (يثرب) يسألونهم رأيهم في دعوته ، وهم يطمعون أن يجد لهم الأحبار ما لم يهتدوا إليه مما يوجهون به تكذيبهم إياه ، قالوا : فإن اليهود أهل الكتاب الأول وعندهم من علم الأنبياء (أي صفاتهم وعلاماتهم) علم ليس عندنا ، فقدم النضر وعقبة إلى المدينة ووصفا لليهود دعوة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبراهم ببعض قوله ، فقال لهم أحبار اليهود : سلوه عن ثلاث؟ فإن أخبركم بهن فهو نبيء وإن لم يفعل فالرجل متقوّل ، سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم ، وسلوه عن رجل طوّاف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وسلوه عن الروح ما هي. فرجع النضر وعقبة فأخبرا قريشا بما قاله أحبار اليهود ، فجاء جمع من المشركين إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فسألوه عن هذه الثلاثة ؛ فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أخبركم بما سألتم عنه غدا (وهو ينتظر وقت نزول الوحي عليه بحسب عادة يعلمها). ولم يقل : إن شاء الله. فمكث رسول الله ثلاثة أيام لا يوحى إليه ، وقال ابن إسحاق : خمسة عشر يوما ، فأرجف أهل مكة وقالوا : وعدنا محمد غدا وقد أصبحنا اليوم عدة أيام لا يخبرنا بشيء مما سألناه عنه ، حتى أحزن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وشق عليه ، ثم جاءه جبريل ـ عليهالسلام ـ بسورة الكهف وفيها جوابهم عن الفتية وهم أهل الكهف ، وعن الرجل الطواف وهو ذو القرنين. وأنزل عليه فيما سألوه من أمر الروح (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) من [الإسراء : ٨٥]. قال السهيلي : وفي رواية عن ابن إسحاق من غير طريق البكائي (أي زياد بن عبد الله البكائي الذي يروي عنه ابن هشام) أنه