(نَفَراً) على تمييز نسبة (أَعَزُّ) إلى ضمير المتكلم.
وجملة (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ) في موضع الحال من ضمير (قالَ) ، أي قال ذلك وقد دخل جنته مرافقا لصاحبه ، أي دخل جنته بصاحبه ، كما يدل عليه قوله : (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) ، لأن القول لا يكون إلا خطابا لآخر ، أي قال له ، ويدل عليه أيضا قوله : (قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ) [الكهف : ٣٧]. ووقوع جواب قوله : (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) في خلال الحوار الجاري بينهما في تلك الجنة.
ومعنى (وَهُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) وهو مشرك مكذب بالبعث بطر بنعمة الله عليه.
وإنما أفرد الجنة هنا وهما جنتان لأن الدخول إنما يكون لإحداها لأنه أول ما يدخل إنما يدخل إحداهما قبل أن ينتقل منها إلى الأخرى ، فما دخل إلا إحدى الجنتين.
والظن بمعنى : الاعتقاد ، وإذا انتفى الظن بذلك ثبت الظن بضده.
وتبيد : تهلك وتفنى.
والإشارة بهذا إلى الجنة التي هما فيها ، أي لا أعتقد أنها تنتقض وتضمحل.
والأبد : مراد منه طول المدة ، أي هي باقية بقاء أمثالها لا يعتريها ما يبيدها. وهذا اغترار منه بغناه واغترار بما لتلك الجنة من وثوق الشجر وقوته وثبوته واجتماع أسباب نمائه ودوامه حوله ، من مياه وظلال.
وانتقل من الإخبار عن اعتقاده دوام تلك الجنة إلى الإخبار عن اعتقاده بنفي قيام الساعة.
ولا تلازم بين المعتقدين. ولكنه أراد التورك على صاحبه المؤمن تخطئة إياه ، ولذلك عقب ذلك بقوله : (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً) تهكما بصاحبه. وقرينة التهكم قوله : (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً). وهذا كقول العاصي بن وائل السهمي لخباب بن الأرت «ليكونن لي مال هنالك فأقضيك دينك منه».
وأكد كلامه بلام القسم ونون التوكيد مبالغة في التهكم.
وانتصب (مُنْقَلَباً) على تمييز نسبة الخبر. والمنقلب : المكان الذي ينقلب إليه ، أي يرجع.
وضمير منهما للجنتين عودا إلى أول الكلام تفننا في حكاية كلامه على قراءة الجمهور منهما بالتثنية ، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف