كتب في المصحف بألف بعد النون. واتفق القراء العشرة على إثبات الألف في النطق في حال الوقف ، وأما في حال الوصل فقرأه الجمهور بدون نطق بالألف ، وقرأه ابن عامر وأبو جعفر ورويس عن يعقوب بإثبات النطق بالألف في حال الوصل ، ورسم المصحف يسمح بكلتا الروايتين.
ولفظ (لكِنَّا) مركب من (لكن) بسكون النون الذي هو حرف استدراك ، ومن ضمير المتكلم (أنا). وأصله : لكن أنا ، فحذفت الهمزة تخفيفا كما قال الزجاج ، أي على غير قياس لا لعلة تصريفية ، ولذلك لم يكن للهمزة حكم الثابت فلم تمنع من الإدغام الذي يمنع منه ما هو محذوف لعلة بناء على أن المحذوف لعلة بمنزلة الثابت ، ونقلت حركتها إلى نون (لكن) الساكنة دليلا على المحذوف فالتقى نونان متحركتان فلزم إدغامهما فصار (لكنا). ولا يجوز أن تكون (لكنّ) المشددة النون المفتوحتها أشبعت فتحتها ، لأن لكن المشددة من أخوات إنّ تقتضي أن يكون الاسم بعدها منصوبا وليس هنا ما هو ضمير نصب ، ولا يجوز اعتبار ضمير (أنا) ضمير نصب اسم (لكنّ) لأن ضمير المتكلم المنصوب يجب أن يكون بياء المتكلم ، ولا اعتباره ضمير المتكلم المشارك لمنافاته لإفراد ضمائره بعده في قوله : (هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً).
(فأنا) مبتدأ ، وجملة (هُوَ اللهُ رَبِّي) ضمير شأن وخبره ، وهي خبر (أنا) ، أي شأني هو الله ربي. والخبر في قوله : (هُوَ اللهُ رَبِّي) مستعمل في الإقرار ، أي أعترف بأنه ربي خلافا لك.
وموقع الاستدراك مضادة ما بعد (لكن) لما قبلها ، ولا سيما إذا كان الرجلان أخوين أو خليلين كما قيل فإنه قد يتوهم أن اعتقادهما سواء.
وأكد إثبات اعترافه بالخالق الواحد بمؤكدات أربعة ، وهي : الجملتان الاسميتان ، وضمير الشأن في قوله : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) ، وتعريف المسند والمسند إليه في قوله : (اللهُ رَبِّي) المفيد قصر صفة ربوبية الله على نفس المتكلم قصرا إضافيا بالنسبة لمخاطبه ، أي دونك إذ تعبد آلهة غير الله ، وما القصر إلا توكيد مضاعف ، ثم بالتوكيد اللفظي للجملة بقوله : (وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً).
وعطف جملة (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ) على جملة (أَكَفَرْتَ) عطف إنكار على إنكار. و (لو لا) للتوبيخ ، كشأنها إذا دخلت على الفعل الماضي ، نحو (لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ