جملة (وَوُضِعَ الْكِتابُ) معطوفة على جملة (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ) [الكهف : ٤٨] ، فهي في موضع الحال ، أي وقد وضع الكتاب.
والكتاب مراد به الجنس ، أي وضعت كتب أعمال البشر ، لأن لكل أحد كتابا ، كما دلت عليه آيات أخرى منها قوله تعالى : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً* اقْرَأْ كِتابَكَ) [الإسراء : ١٣ ـ ١٤] الآية. وإفراد الضمير في قوله : (مِمَّا فِيهِ) لمراعاة إفراد لفظ (الكتاب). وعن الغزالي : أنه قال : يكون كتاب جامع لجميع ما هو متفرق في الكتب الخاصة بكل أحد. ولعله انتزعه من هذه الآية. وتفرع على وضع الكتاب بيان حال المجرمين عند وضعه.
والخطاب بقوله : (فَتَرَى) لغير معين. وليس للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لأن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ في مقامات عالية عن ذلك الموضع.
والإشفاق : الخوف من أمر يحصل في المستقبل.
والتعبير بالمضارع في (يَقُولُونَ) لاستحضار الحالة الفظيعة ، أو لإفادة تكرر قولهم ذلك وإعادته شأن الفزعين الخائفين.
ونداء الويل : ندبة للتوجع من الويل. وأصله نداء استعمل مجازا بتنزيل ما لا ينادى منزلة ما ينادى لقصد حضوره ، كأنه يقول : هذا وقتك فاحضري ، ثم شاع ذلك فصار لمجرد الغرض من النداء وهو التوجع ونحوه.
والويلة : تأنيث الويل للمبالغة ، وهو سوء الحال والهلاك. كما أنثت الدار على دارة ، للدلالة على سعة المكان ، وقد تقدم عند قوله تعالى : (قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ) في سورة العقود المائدة [٣١].
والاستفهام في قولهم : (ما لِهذَا الْكِتابِ) مستعمل في التعجب. (فما) اسم استفهام ، ومعناها : أي شيء ، و (لِهذَا الْكِتابِ) صفة ل (ما) الاستفهامية لما فيها من التنكير ، أي ما ثبت لهذا الكتاب.
واللام للاختصاص مثل قوله : (ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) [يوسف : ١١].
وجملة (لا يُغادِرُ) في موضع الحال ، هي مثار التعجب ، وقد جرى الاستعمال بملازمة الحال لنحو ما لك فيقولون : ما لك لا تفعل وما لك فاعلا.