بقية المقدمات لا يكون مردا للعقاب إلا بلحاظ أدائه لترك ذي المقدمة الذي هو مورد الملاك والغرض الأصلي.
ومن ثمّ يكون كلام بعض الأعاظم قدّس سرّه من هذه الجهة أقرب للمرتكزات.
الرابع : ما ذكره سيدنا الأعظم قدّس سرّه من أن تبعية وجوب المقدمة لوجوب ذيها في الإطلاق والاشتراط وإن كان مسلما ـ لما سبق من تبعية وجوبها لوجوبه وأنه في طوله ـ إلا أن ذلك إنما يقتضي إناطة وجوب المقدمة بما انيط به وجوب ذيها من دون أن يستلزم اتفاقهما في نحو الإناطة ، بل يمكن أن يكون الشرط الواحد دخيلا في وجوب ذي المقدمة بنحو الشرط المتقدم أو المقارن ، وفي وجوب نفس المقدمة بنحو الشرط المتأخر ، ولا ملزم باتحاد نحو الإناطة في الوجوبين.
ولا يخفى أن نحو النسبة بين الوجوب النفسي والغيري تابع لجهات ارتكازية غير خاضعة للتصرف الشرعي ، فإذا أمكن اختلاف نحو الإناطة فيهما بالوجه المذكور فلا وجه لاختصاص ذلك بالمقدمات المفوتة ، بل يجري في غيرها أيضا.
غايته أن الواجب خصوص ما يترتب عليه الغرض ، وهو التوصل لذي المقدمة ، فإن اختص بما قبل وقت الواجب اختص الوجوب به ، وكانت المقدمة مفوتة ، وإن عمّه وغيره ممّا يكون بعد الوقت كان الواجب هو الأعم ، ويكون وجوبه من قبل الوقت موسعا ، كما هو الحال في كثير من المقدمات ، وإن اختص بما يكون في الوقت اختص الوجوب به ، كما قد يختص بما يكون بعد الوقت ، كشروط الواجب المتأخرة عنه ، كغسل المستحاضة الليلي الذي قيل بأنه شرط في صحة الصوم الواقع منها في النهار.
هذا ، وقد اقتصر قدّس سرّه في مبحث شروط البراءة الشرعية من حقائقه وكتاب