على ما سبق توضيحه في أوائل الكلام في تقسيم المقدمة إلى تكوينية وشرعية. فراجع.
أما في القسم الثاني فليس المكلف به وموطن الغرض حقيقة إلا منشأ انتزاع العنوان الخارج عن فعل المكلف وليس التكليف بفعله إلا للتوصل إليه ، لكونه مسببا عنه ، كما في العنوان التسبيبي ، حيث يكون فعل المكلف سببا لمنشا انتزاع العنوان ، أو لكونه قائما به ، كما في العنوان الإضافي ، حيث يكون فعل المكلف طرفا للإضافة التي هي منشأ انتزاع العنوان ، فتقوم به قيام العرض بموضوعه.
ومن ثمّ ذكرنا أنه مع تردد فعل المكلف في هذا القسم بين الأقل والأكثر يجب الاحتياط لإحراز منشأ انتزاع العنوان الذي هو المكلف به حقيقة من دون أن يكون مجملا بخلاف القسم الأول ، حيث يرجع إجمال فعل المكلف إلى إجمال المكلف به ، لغرض انتزاع عنوانه من نفس الذات ، فيقتصر في التكليف على المتيقن ، ويقتصر ويرجع في الزائد البراءة.
نعم ، لو رجع الإجمال في القسم الأول إلى إجمال منشأ الانتزاع الواجب وتردده بين الأقل والأكثر تعين الرجوع للبراءة في الزائد المشكوك ، كما لو تردد الحطب الواجب الإحراق بين القليل والكثير.
ويترتب على ذلك أن اختلاف العنوانين مع وحدة فعل المكلف المعنون بهما. إن كان لتعدد منشأ انتزاع العنوان ، بأن يكون أحدهما أوليا منتزعا من الذات والآخر ثانويا منتزعا من أمر خارج عنها ـ كعنواني المشي والإيذاء ـ أو كلاهما ثانويا مع اختلاف منشأ انتزاعهما ـ كعنواني الإيذاء والإكرام ـ كان راجعا لتعدد الموضوع المعتبر في التزاحم ، لأن فعل المكلف وإن كان واحدا ، إلا أنه ليس متعلقا لأحد المكلفين أو كليهما إلا تبعا لتعلقه وتعلق الغرض والملاك بمنشإ انتزاع العنوان المباين له.