ولذا كان المرتكز أن عمومات استحباب إيناس المؤمن وقضاء حاجته ، ووجوب إنقاذه من الهلكة ، لا تعارض مثل عمومات حرمة الغناء والغيبة والكذب ، وإن كانت نسبة كل واحد من تلك العمومات مع كل واحد من هذه هي العموم من وجه ، حيث قد يتحقق العنوانان في فعل واحد ويصدقان عليه ، بل يكون مجمع العنوانين موردا للتزاحم بسبب تحقق الملاكين الفعليين معا كل في موضوعه ، فيرجع فيه لمرجحات التزاحم ، فيقدم الأهم على المهم ، والإلزامي على غيره ، والتعييني أو المضيق على التخييري أو الموسع ، إلى غير ذلك مما يذكر في محله.
أما إذا كان منشأ اختلاف العنوانين اختلاف قيودهما التابعة للخصوصيات الخارجية عن منشأ الانتزاع ، كخصوصيات الزمان والمكان والمتعلق وغيرها ، مع اتحاد منشأ الانتزاع في الخارج ، كان راجعا لوحدة الموضوع الذي عرفت لزوم التعارض معه ، سواء كان العنوانان أوليين كالسفر في شهر رمضان والسفر إلى كربلاء ، أم ثانويين كإيذاء المؤمن وإيذاء العاصي. وإليه نظروا في الحكم بالتعارض البدوي بين العام والخاص والمستحكم في العامين من وجه.
نعم ، لو كان القيد مقوما في الخارج لمنشا الانتزاع دخل في تعدد الموضوع ، كإكرام زيد وإكرام عمرو لو حصلا بفعل واحد ، وكذا إكرام العادل وإكرام الفاسق ، لوضوح تقوم إضافة الإكرام خارجا بالشخص المكرم ، فتتعدد مع تعدده ، كما في المثالين ، وتتحد مع وحدته وإن اختلف عنوانه بأن كان عالما وفاسقا. فلاحظ.
كما أنه لو كانت خصوصية كل من العنوانين دخيلة في ثبوت حكمه ـ ولو بمقتضى المناسبة الارتكازية بين الحكم والموضوع ـ كان مورد الاجتماع من موارد التزاحم الملاكي الراجع لتزاحم المقتضيات ، دون الملاكات الفعلية ،