التقرب ، حيث لا يتأتى قصد التقرب بما هو مبغوض للمولى ويزجر عنه. والاتفاق على صحة العبادة إذا كانت ضدا للمستحب الأهم ينبغي أن يكون دليلا على مختاره من عدم اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده ، لا على عدم قدح النهي التنزيهي في إمكان التقرب».
وفيه : أن بطلان القول باقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده وإن كان مسلما ، إلا أنه مبني على عدم مقدمية ترك أحد الضدين لفعل الآخر ، فلا يكون فعل الضد المهم مانعا من ضده الأهم ليكون منهيا عنه عرضا تبعا للأمر به ويمتنع التقرب ويبطل إذا كان عبادة.
أما لو فرض كون العبادة مانعة من فعل الواجب ، بحيث يستند تركه إليها ، فلا إشكال في بطلانها عندهم ، حيث يكون فعلها معصية لأمره وتمردا على المولى ، فيمتنع التقرب بها منه ، ولا يظن من أحد الالتزام بذلك فيما لو كانت مانعة من مستحب مأمور به فعلا كالحج والزيارة. وما ذلك إلا للفرق بين التكليف الإلزامي وغيره بما سبق من المحقق الخراساني قدّس سرّه.
وعليه يبتني تفريقهم الذي ذكره بين ضد الواجب وضد المستحب في الاتفاق على صحة الثاني إذا كان عبادة والخلاف في صحة الأول وابتنائه على اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده.
نعم ، يظهر من المحقق الخراساني قدّس سرّه اختصاص ذلك بما إذا كان النهي عرضيا بسبب كون الفعل مفوتا لمصلحة غير ملزمة ، أما لو كان أصليا بسبب ترتب مفسدة غير ملزمة على الفعل ـ كما هو المفروض في هذا القسم ـ فيكون مانعا من التقرب.
وقد يظهر من غير واحد المفروغية عنه.
وكأنه لدعوى أن المفسدة توجب مبغوضية الفعل وإن لم يلزم بتركه ، فيمتنع مع ذلك التقرب به.