لكنه لا يناسب ما أشرنا إليه من ظهور عدم الإشكال بينهم في الفقه في إمكان التقرب في هذا القسم.
وكأنه يبتني على ما سبق منا في حقيقة الأحكام التكليفية الشرعية من عدم انتزاعها من الإرادة والكراهة الحقيقيتين اللتين هما من سنخ المحبوبية والمبغوضية ، بل من الخطاب بداعي إضافة الفعل أو الترك للمولى الأعظم وجعله في حسابه ، بحيث يقوم به المكلّف لأجله مع جعل المسئولية في الأحكام الإلزامية ، وبدونه في غيرها من الأحكام الاقتضائية.
وبعبارة اخرى : المانع من قصد التقرب للمولى بالفعل إما كونه معصية له وتمردا عليه ، أو كونه مبغوضا له بحيث يتنفر منه ، والنهي التنزيهي لا يوجب الأول فرضا ، كما لا يستلزم الثاني على التحقيق ، بل هو محال في حقه تعالى. فلا وجه لمانعيته من التقرب بالفعل لو كان ذا ملاك صالح للمقربية.
ومنه يظهر أن ما سبق من سيدنا الأعظم قدّس سرّه من امتناع التقرب بما هو مبغوض للمولى ممنوع صغرويا ، وإن تمّ كبرويا.
وبالجملة : لا ينبغي التأمل في عدم مانعية الكراهة من التقرب ، بعد ما ذكرناه آنفا من ظهور مفروغية الأصحاب في الفقه عن ذلك ، حيث يكشف ذلك عن وضوح المدعى بنحو يلحقه بالبديهيات ، ويلحق وجوه المنع بالشبهات المقابلة لها التي لا تعويل عليها لو خفي وجه حلها ، فضلا عما لو اتضح ، كما سبق.
القسم الثاني : ما يتحد فيه منشأ انتزاع عنواني متعلق الأمر والنهي مع الاختلاف بالإطلاق والتقييد ، كما في الصلاة في الحمام أو في السواد وصوم يوم عاشوراء وغيرها.
ولا يخفى أن اجتماع الملاكين في المجمع كما يمكن ثبوتا مع اختلاف منشأ انتزاع العنوانين ، كذلك يمكن مع اتحاد منشأ انتزاعهما ، وإنما الفرق بينهما