ماله (١) حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثني أبان بن تغلب قال : كان عابد من عباد البصرة قال لنا : أتيت البادية فإذا أنا بأعرابية وهي توصي ابنا لها وهي تقول : يا بنى أوصيك بالله يوفقك ، وإياك والنمائم فإنها تزرع الضغائن في صدور الرجال وتفرق بين المحبين ، وإياك والعيوب فخليق أن تتخذ غرضا فإن الغرض إذا اعتورته السهام ثلمته وهي ما اشتد منه ، وإياك أن تجود بدينك وتبخل بمالك ، فحرى أن تجود بمالك وتبخل بدينك ، وإذا هززت فهز كريما فإنه يلين بمهرتك ، ولا تهز اللئيم فإنه صخرة لن يتفجر ماؤها ، يا بنى مثل لنفسك مثالا ، فما استحسنته لغيرك فاعمل به وما استقبحته لغيرك فاجتنبه ، فإن المرء لا يرى عيب نفسه ، وإياك من كانت مودته بسره ، وخالف ذلك فعله ، فإن صديقه منه في مثل حال الريح في تصرفها ، قال : ثم أمسكت عنه ساعة ، قال فقلت : يا أعرابية زيديه قالت : وأعجبك كلام العرب؟ قال قلت : نعم ، قالت : يا بنى اتق البخل فإنه أقبح ما تعامل به الإخوان ، فإن ترك مكافأة الإخوان من التطفيف ، ومن جمع الحلم والسخاء فقد استجاد الخلة ، ثم قالت : ألا أنشدك أبياتا قالها المقنع الكندي؟ قال قلت : بلى ، قالت : قال :
زمان خلا ود المقنع أنه |
|
يؤدب ولم يعط المقنع ما ودا |
فإن الذي بيني وبين بنى أبى |
|
وبين بنى عمى لمختلف جدا |
إذا أكلوا لحمى وفرت لحومهم |
|
وإن هدموا ركني بنيت لهم مجدا |
لهم جل مالي إن روانى ذا أغنى |
|
وإن قل مالي لم أكلفهم رفدا |
يلومونني في الدين قومي وإنما |
|
تدانيت في أشياء تكسبهم حمدا |
أخاف عليهم خشية أن يعيروا |
|
ببخل إذا شدوا على الصرر العقدا |
قال عبد الوهاب : وبيت آخر لم أحفظ أوله وحفظت آخره :
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
قال أبو محمد الجوهري : وأنا أحفظ أوله وهو :
ولا أحمل [الحقد] (٢). القديم عليهم |
|
وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا |
سألت عمر بن طبرزد عن مولده ، فقال : في سنة ست عشرة وخمسمائة ، توفى في يوم الثلاثاء لتسع خلون من رجب من سنة سبع وستمائة ، ودفن من الغد بباب حرب.
__________________
(١) هكذا في الأصل.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.